من مصلحة «المجموعة» التي كانت طرفاً في أحداث 2011 تصوير الواقع البحريني من منظورها ومن مؤشرات قياسها، وإقناع أصحاب القرار في البحرين وإقناع حلفاء البحرين من الدول الأجنبية باستنتاجاتها عن الواقع البحريني.
مازالت هذه «المجموعة» تطرح نفسها على أنها هي ممثل للشيعة في البحرين، وأن سخطها وعدم رضاها على ما انتهت إليه الأمور هو سخط يعم الطائفة الشيعية في البحرين، وأن الخسائر التي منوا بها هي خسائر تعم الطائفة الشيعية في البحرين، وأن عدم دمج هذه «المجموعة» تحديداً في المشهد السياسي هو عدم دمج وإقصاء للطائفة الشيعية برمتها في البحرين، وأنه لا يمكن اعتبار البحرين ناجحة في اجتياز أزمة 2011 إلا إذا كانت هذه المجموعة تحديداً ضمن هذا المشهد، هذه «المجموعة» مازالت بشخوصها المحدودة العدد هي التي تروج لهذه الصورة داخل وخارج البحرين، فهل تم اختبار هذا الادعاء؟ هل امتحنت هذه الاستنتاجات؟
على من يستمع لهذه «المجموعة» أن يعيد النظر في مؤشرات قياسه وعدم الاكتفاء بأقوال ورأي هذه المجموعة فحسب، بل يضيف لها أجزاء الصورة الأخرى لتكتمل الصورة لديه تماماً كلعبة الـBuzzel، فهل حقاً شخوص هذه «المجموعة» التي شاركت في أحداث 2011 يمثلون الطائفة الشيعية؟ هل عدد 3000 عضو بالكاد جمعتهم ما كانت تسمى بالوفاق في جمعيتها العمومية يمثلون الطائفة الشيعية؟ هل عودتهم هم بشخوصهم تمثل اندماجاً وانخراطاً للشيعة في المشهد السياسي البحريني الحالي؟ وهل المجموعات الأخرى التي تتنوع مشاركتها في المشهد السياسي لا تعني شيئاً للشيعة؟
وهل حقاً كل صور التعايش التي نراها بين السنة والشيعة ومشاهد التعافي التي تتزايد وتتنوع مشاربها في العديد من القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية دون هذه المجموعة لا تعني أن البحرين قادرة على المضي قدماً دونما حاجة لإرضاء هذه المجموعة المحددة؟!
جميع هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابة لا يكون مصدرها هذه المجموعة ولا يكون مصدرها حتى الرأي المعارض لطرحها، بل يكون مصدرها جهات محايدة تبني استنتاجاتها بعيداً عن التأثر بأي من الأطراف ذوي العلاقة بل تبنيها بعد بحث وتقصٍّ واقعي وميداني عل وعسى يقتنع من لم يقتنع بأن البحرين متعايشة ومستمرة ولها نجاحاتها ووضعها الإقليمي والدولي وحتى المحلي الناجح دونما رضا هذه المجموعة المحددة.
صاحب القرار -أي قرار- إن أراد أن يتخذ قرارات سليمة عليه أن يستعين بكافة الوسائل التي تعينه والتي تمنحه رؤية واقعية لما يجري على الأرض قبل أن يتخذ قراره.
فإن كان القرار يمس «الأمن الوطني» فعليه أن يستعين بأدوات واسعة تعينه على رسم الواقع الأمني من منظور سياسي واجتماعي واقتصادي، بالإضافة إلى التقارير الأمنية المختصة حتى يتمكن من رسم الواقع بصورة بانورامية.
أن يستعين بمراصد للأمن الوطني تقدم له تقارير وإيجازاً يومياً ذلك ضروري، ولكن العناصر المؤثرة في الواقع بمراكز الدراسات والبحوث التي تقدم له تقارير تخص موضوع القرار، ويقوم بالزيارات الميدانية ويستمع للأطراف المتعددة، وينوع من مشارب ومذاهب مصادر الاستشارة في دائرته الخاصة، حينها فقط بإمكانه أن يتخذ قراره مبنياً على أرضية صلبة من المعطيات، تماماً مثلما تكون إحداثيات الموقع دقيقة له تعينه على الوصول للموقع بسهولة براً أو بحراً أو جواً.
القرار يأتي ضعيفاً ولا يتسق مع الواقع حين يستقي مؤشراته القياسية من طرف يصارع داخل الدائرة الخاصة به ويأخذ بحكمه على الأمور، فهو طرف سيأخذ صاحب القرار معه لقعر الدائرة فلا يرى إلا ما يرى هذا الطرف.