ما كان يمكن لأحد أن يتنبأ سوى بالفشل لمحادثات فيينا حول الأزمة السورية والتي بدأت واختتمت يوم الجمعة الماضي، «استغرقت 8 ساعات فقط»، فالأمر كان متوقعاً ومقرراً حتى قبل بدء المحادثات، فلم يكن في الحسبان أسوأ مما كان.
منذ الوهلة الأولى، كان واضحاً أن الإيرانيين -كعادتهم- يحملون خبائث في النوايا، وأن مباحثات فيينا ستصل إلى طريق مسدود، ليس فقط لوجود طهران ضمن الأطراف فحسب، وإنما لوجود حلفائها الإقليميين أيضاً في تلك المفاوضات مثل العراق ولبنان ومن هم «تحت الطاولة»، كما لا ننسى موقف الروس فقد كانوا لاعباً رئيساً في اللعبة الدولية في سوريا -وإن كان نزولهم إلى أرض الملعب متأخراًـ.
واضح أيضاً أن الأزمة السورية تحولت إلى لعبة دولية، للمصالح بين الدول الكبرى، والكل يبحث عن مصالحه والاستفادة القصوى من هذه الأزمة، تماماً كسماسرة الحروب، وأن كلاً من موسكو وطهران لن تتركا الوضع على ما هو عليه في سوريا، وأن ما قدمته إيران «كلاعب إقليمي»، وروسيا «كلاعب دولي»، في دعم الأسد وإبقاء نظامه على قيد الحياة حتى اليوم لن يكون مجانياً، وأن الثمن لابد أن يكون باهظاً ومجدياً، إما كذا، وإما فلا.
كان الرهان تركيع المملكة العربية السعودية «بطني بتوجعني من الضحك»، لكن هؤلاء اللاعبين نسوا أو تناسوا أن أرض الحرمين الشريفين والتي أعلنت، وأكثر من مرة، سواء من قلب العاصمة الروسية أو من فوق كل طاولات التفاوض، تمسكها بموقفها الثابت: «لا مستقبل للأسد في سوريا، وسيرحل بعملية سياسية أو بالقوة»، ليست ممن يساومون على دماء الشعوب العربية والإسلامية.
إذاً، خلاصة واقع الحال، والتي لا يستطيع أي غبي من اللاعبين المشاركين في لعبة الدم السوري أن يقرأها ويفهم مغزاها، أن السعودية لم ولن تترك المجرم بشار الأسد ينفذ بجريمته، لم ولن تترك الاحتلال الإيراني يعربد ويقتل ويلطم ويعزي في سوريا، وأن كل حفلات «الزار» وجلسات تحضير الأرواح والمفاوضات، في موسكو أو جنيف أو فيينا، لن تنجح في تغيير مواقف وقناعات السعودية قيد أنملة، والمطلوب على وجه السرعة، عملية غسيل مخ عاجل ومتعجل للإيرانيين ليفهموا من بعدها أن الوعيد والتهديد والأسلوب السوقي لا يجدي نفعاً مع السعودية، وكل هرطقتكم تحت «جزمة» سلمان الحزم.
زبدة المقال، أن الأصل والأساس، في الأزمة السورية، أن الاحتلال الإيراني لا يمكن أن يكون طرفاً في الحل لأنه أصل المشكلة، وأنها العلة التي تأكل في بدن أمتنا العربية، وأنه يكفي للدلالة على كلامي -دليل يخزق العين- ليالي «الفشل» في فيينا، ولاحظ أن البيان الختامي للسابحين في لعبة الدم السوري نص على ضرورة محاربة تنظيم الدولة «داعش» وجبهة «النصرة»، ولم يأت على ذكر ميليشيات «حزب الله»، ومرتزقة إيران، ووكلائها في سوريا، والتي قتلت من الشعب السوري أضعاف ما قتلته «داعش» و«النصرة»، فإذا كانت النظرية أن تلك التنظيمات الإرهابية تحتل نصف سوريا، فبمقتضى النظرية ذاتها، فإن إيران تحتل النصف الآخر من سوريا!!
* تغريدة:
يوم السبت الماضي، وفي «منتدى المنامة»، قال وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة: «إن الدعم الإيراني للتخريب في الدول العربية يمثل تهديداً كبيراً للمنطقة مثله مثل تنظيم «داعش»، وإن تصرفات إيران تمثل تهديداً لا يقل عن تهديد «داعش»»، متهماً إيران بتهريب أسلحة إلى البحرين.
يوماً بعد يوم فإن إيماني يرسخ بأن صاحب الحق، المؤمن بقضيته، هو الشخص الذي يولي العالم انتباهه، وأن قضيتك وإن كانت مضمونة، تحتاج إلى محامٍ شاطر.