يبدو أن وزارة الصحة مصرة على أخذ الأطباء والتطبيب والمرضى وكل المواطنين في البحرين نحو نفق مظلم، لا يمكن أن نتنبأ بما يحمله لنا المستقبل حول مستوى جودة الخدمات، وهذه المسؤولية تتحملها وزيرة الصحة شخصياً ومن هم تحتها من صناع القرار بذات الوزارة.حكايات من الفوضى نسمع عنها كل يوم تدور فصولها في أجنحة مجمع السلمانية الطبي، وبقية الأقسام الأخرى، خصوصاً مع توظيف الأطباء الجدد من أصحاب العقود المؤقتة، أولئك الذين أخذوهم ورموهم موزعين بطريقة عشوائية على أجنحة المستشفى من دون أطباء يتابعونهم أو استشاريين يشرفون على عملية دمجهم في العملية الصحية، كما تزعم بذلك وزارة الصحة.إن الرهان على نجاح الخدمات الطبية في البحرين وحتى في الصومال، يعتمد بشكل أساسي على نجاح البيئة المريحة والمحترمة للأطباء الذين يعملون في مجال التطبيب، فكلما كانت البيئة غير مريحة، كانت الخدمات الصحية سيئة للغاية، ومن هنا يجب احترام الطبيب، ومعاملته بالشكل اللائق، وهذا لم يحدث في مجمع السلمانية الطبي، حيث إن الأطباء يعانون الأمرين بسبب سوء المعاملة من طرف الإدارات الصحية -وعلى رأسهم قسم التدريب- وكذلك من طرف الكثير من رؤساء الأقسام.ليس هذا وحسب، بل هناك عبء ثقيل ومسؤوليات جسام تقع على عاتق الأطباء، حيث يشكل العمل الفوضوي وغير المنظم داخل مجمع السلمانية الطبي ضغطاً هائلاً على نوعية وجودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين والمقيمين. هذا الأمر الخطير، هو الذي يجب على وزيرة الصحة أن تقوم بمعالجته في أسرع وقت ممكن، وهذا لن يكون إلا بتوفير البيئة المريحة والموائمة للأطباء، باعتبارهم محور العملية الصحية بأكملها، فأي ضغط على الطبيب، سينعكس سلباً على المريض وعلى كل الخدمات المقدمة له.نحن نعتقد أن المسؤول الأول عن هذا الملف بكل إشكالاته وأبعاده يقع على عاتق وزيرة الصحة وعلى وكيلة الوزارة التي تتحمل جزءاً مهماً من هذا الملف، ويقع قسم منه على عاتق بعض المسؤولين، لا يسع المجال لذكرهم الآن، وسنذكرهم في الوقت المناسب.بداية، يجب أن تنزل وزيرة الصحة من مكتبها لتستمع لشكاوى الأطباء المعنيين بتقديم الخدمات الطبية للناس، قبل الاستماع للمسؤولين الذين دائماً وأبداً ما يحبون أن يلمعوا صورتهم في كل صحيفة ومحفل، فالمجاملات لا تصنع الإنجازات، والتلميع لا ينهض بالوطن، بل النقد البناء ومعرفة كوامن الخلل داخل أروقة المستشفيات هو بداية الحل كما ذكرنا. أيتها الوزيرة، إن لديك ملفات جسام يجب عليك ومن هذه اللحظة أن تتبني معالجتها، وعلى رأس تلكم الملفات، ملف تعديل توظيف الأطباء من أصحاب العقود غير القانونية «المؤقتة»، وتهيئة الأجواء المريحة لهم من أجل العمل في بيئة صالحة لتقديم أفضل سبل الراحة للمرضى، وكذلك الاستماع لصوت المواطنين الذين يرون مشكلة «السلمانية» من العمق وليس من أبراجهم ومكاتبهم الفوقية.* فلاشهناك بعض الاستشاريين ومنسقي الأقسام لا «يداومون»، كما «يداوم» الأطباء الجادين من أصحاب العقود المؤقتة والدائمة مع الأسف، إذ يقومون في غالب الأيام بواجب البصمة الصباحية، ثم يعودون إلى منازلهم أو إلى أقرب «كوفي شوب» لتناول القهوة مع أصدقائهم، وفي نهاية الدوام يعودون ليبصموا لأجل الانصراف، وبين البصمتين، لا يقومون بأي عمل سوى بعض الاجتماعات، كما لا يقومون بوظيفتهم وواجباتهم الرئيسة وهي استقبال المرضى وعلاجهم على الإطلاق في وقت الصباح أثناء الدوام، أما في نهاية الشهر فإنهم يستلمون رواتبهم بالكامل. هذه معضلة من ضمن عشرات القضايا التي تحتاج إلى مواجهة شجاعة من طرف وزيرة الصحة من أجل تصحيح مسار التطبيب في البحرين. «للحديث بقية».
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90