إيران التي تنشغل بنقل جثامين جنودها وضباطها ومستشاريها الذي يقتلون في معارك يخوضونها مع العرب في موطنهم في الدول العربية في سوريا والعراق واليمن تقول للمملكة العربية السعودية لا تتدخلي في شؤون المنطقة.
إيران التي ترسل أطناناً من المتفجرات للبحرين ولليمن ولسوريا تقول للسعودية لا تتدخلي في شؤون المنطقة.
إيران التي فتحت معسكرات التدريب لعرب بحرينيين ويمنيين وعراقيين في أراضيها وفي الأراضي العربية التي تحتلها تقول للسعودية ألا تتدخل في شؤون المنطقة.
إيران التي تعطل انتخاب رئيس لبناني حتى اللحظة تقول للسعودية لا تتدخلي في شؤون المنطقة.
إيران التي تقود قوات مسلحة إيرانية موجودة الآن على أرض سوريا وتستعد لدخول حلب تقول للسعودية أن تكف عن التدخل في شؤون المنطقة العربية، أكثر من هذه الوقاحة والصفاقة لم يشهد التاريخ أبداً.
إنما الخطأ ليس من إيران الخطأ من دولنا العربية، واسمحوا لي الخطأ من دول مجلس التعاون ومن المملكة العربية السعودية بالتحديد، الذين حتى اللحظة لم يتدخلوا في الشأن الإيراني ويبنون قرارهم على أسس أخلاقية ومبدئية وغيرها من الأسس والقيم والأعراف السياسية والدبلوماسية العريقة التي تتسم وتتسق مع الأعراف الإسلامية والإنسانية التي لا تعترف بها إيران ولا تقيم لها وزناً.
هل هناك عربي شاغب إيران في عقر دارها؟ هل أرسلت أي دولة عربية جواسيسها أو أرسلت ميليشياتها أو مستشاريها العسكريين للعديد من الإثنيات والأعراق والطوائف المضطهدة والمعذبة والمظلومة من القوميات المتعددة في إيران لتعينهم على نيل حقوقهم؟ هذا لم يحصل، ولهذا السبب إيران تضع رجلاً على رجل وتعطي نصائحها بكل أريحية للآخرين بعدم التدخل وهي غائصة إلى عنقها في شؤون المنطقة.
حتى اللحظة تمتنع الدول الخليجية من استخدام الأوراق الإيرانية، حتى اللحظة لم تكتوِ إيران بنار الإرهاب المزروع لها من الخارج، حتى اللحظة تستخدم الدول الخليجية سياسة المناشدة والمطالبة لها ولحلفائها ولمن يتهافت للاتفاق معها وإيران تمضي قدماً في مشروعها وتصرح بكل وقاحة أنها تقترب من البحر المتوسط والبحر الأحمر وأربع عواصم عربية.
خارطة إيران للأقليات الإثنية والطائفية تغري وتفتح الأبواب على مصراعيها إن أراد أحد ضرب الإسفين بين هذه الأقليات والدولة، فإيران لديها فسيفساء للقوميات أغلبهم يسكنون على الحدود مع امتدادهم الديمغرافي لداخل الدول المجاورة وذلك مصدر تهديد للأمن الإيراني، وكذلك هناك فسيفساء للمذاهب والأديان، فإن أضيف لهذه الخارطة التحديات الاقتصادية واتساع الرقعة الجغرافية فإنك تتحدث عن برميل قابل للاشتعال في أي لحظة نجحت إيران في إطفاء شراره بالقوة والقمع ولأنها لم تجرب التدخل في شؤونها الداخلية.
فإلى هذه اللحظة دول الخليج تتخذ موقف رد الفعل وتمتنع من اللعب بهذه الورقة عل إيران تمتنع عن اللعب بها، وقد ثبت أن هذه السياسة لم تجدِ نفعاً ولم تردع تدخلاً ولم تحفز أخلاقاً أو قيمة إنسانية لدى هذه الدولة، بل بالعكس أخرجت أسوأ ما فيها من الغطرسة والغرور.
ولن تتوقف إيران عن التدخل في شؤون منطقتنا حتى يأتي اليوم الذي تطلب فيه إيران من دول الخليج بعدم التدخل في شؤونها الداخلية وتقايض ورقة بورقة.