حينما أعلنت وزارة الداخلية عن ملامح قانون المرور الجديد، وحينما بدأت حملتها التسويقية له تحت شعار «أعد النظر»، ظهرت على السطح أصوات تبدي معارضتها لبعض البنود فيه انطلاقاً من سعر الغرامات وقرنته بالتخوف من عملية التطبيق بالتساوي على الجميع.
في البداية نقول بأننا مع قانون المرور الجديد قلباً وقالباً، ومع تطبيقه بنصوصه المبينة، إيماناً بأن الهدف من ورائه لا لكسب أموال، كما بالغ البعض ومضى بقوله، بل لأجل «ترقية» الممارسات المرورية من قبل الأفراد، ولزيادة نسبة الأمن في الشوارع عبر الحد من التصرفات الخاطئة.
شخصياً أرى بأن نظام النقاط الذي أعلن عنه قبل أيام وزير الداخلية، نظام متقدم جداً و»مرن» في الوقت نفسه، خاصة وأن الوزير قدمه بصورة واضحة ومبسطة وأوضح تسلسل العملية وما هي المخالفات التي تستدعي خصم النقاط بحسم مدى جسامتها وخطورتها على الآخرين وتأثيرها على الأمن في الشوارع.
القاعدة الأصيلة تقول بأن القوانين وضعت لتنظيم الأمور، والقوانين المعنية بالممارسات المتعلقة بالأفراد هدفها تنظيم الحياة العامة، وتوفير البيئة الآمنة والملائمة للناس ليمارسوا حياتهم اليومية دون تخوف أو قلق.
وعليه، حينما نقول بأننا مع قانون المرور ومع العقوبات المقرة على المخالفين، وإن كانت مغلظة، فإننا نمضي للتأكيد على احتياجنا الحتمي لقوانين تردع بعض التصرفات المخجلة بحق مجتمعنا والخاطئة بتعديها على حريات الآخرين باستهداف أمنهم.
لدينا كم مخيف من التصرفات الخاطئة التي تمارس في الشوارع، والتي يتجاوز مرتكبوها القوانين، أو أقلها «أخلاقيات» القيادة الصحيحة للمركبات.
ومثلما كبرنا ونحن نسمع المثل الشهير المعني بقيادة المركبات بأن «السياقة فن وذوق وأخلاق»، فإننا رأينا في المقابل ممارسات تصدر من بعض السواق لا تتضمن «فناً ولا ذوقاً ولا أخلاقاً».
من يستاء من هكذا قوانين رسالتنا له بأن عليه مراجعة نفسه، فالإنسان السوي هو الذي «يبرمج» حياته و»يكيف» تصرفاته بحسب القوانين المنظمة للحياة العامة، والتي تمنح جميع الأفراد مقداراً موازياً في الحقوق، وتجعل المحاسبة على قدر المساواة لم يخطئ فلا يحترم القانون.
بالتالي إقرار قانون بمثل هذا التقدم والتمدن يستوجب دعمه وتأييده، بل التعاون مع وزارة الداخلية في تسويقه ونشره وزيادة الوعي بشأنه، إذ نحن نتحدث هنا عن قانون هدفه حماية البشر وتجنيبهم كوارث الشوارع جراء التجاوزات الخاطئة والسرعات الكبيرة والسلوكيات المشينة.
أما لمن يتخوف من قيمة «المخالفة»، فإن عليه الحرص ألا يقع فيها وألا يرتكبها، بمعنى «التزم بالقانون، يكون القانون حليفك لا خصمك».
أما من يتخوف من التطبيق ويرى وجوب تطبيقه على الجميع سواسية، فنقول له «أصبت» في قولك، إذ تطبيق القانون على الجميع بلا استثناء يجب أن يكون أول شعارات دولة المؤسسات والقانون، وفي هذا الصدد ثقتنا كبيرة بوزارة الداخلية ووزيرها والقائمين على تطبيق القانون.
في الدول الغربية يعيش الناس سعداء لأنهم يلتزمون بالقانون، ولأن لديهم قناعة وإيماناً راسخين بأن القوانين لم توضع إلا لصون حقوقهم وضمان أمنهم وتأمين سلامتهم.