لا يعني العمل النقابي أن يتم إخراج العمال في مسيرات لتعبر عن استيائها لقرارات تتخذها إدارات الشركات، فهذا أسلوب خاطئ في التعاطي مع القضايا العمالية، وهي ثقافة ذات لمحة عدوانية، وتعبر عن عدم قدرة النقابة في التعاطي مع مشاكل العمال، وما حدث من خروج متدربي ألبا في مسيرة للتعبير عن اعتراضهم على قرار الشركة في إنهاء خدمتهم كمتدربين، كان يجب أن تسبقه خطوات تتخذها النقابة مع إدارة الشركة والمسؤولين ذات العلاقة في الدولة، خاصة أن مكتب صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان مفتوح للجميع.
ونسأل النقابة؛ هل قامت بإخطار الشركة باقتراب نهاية عقد التدريب وإمكانية استيعابهم كعاملين بشكل دائم في الشركة؟ هل أخبرت أحداً من المسؤولين ذات العلاقة عن هذه القضية قبل أن تتخذ قرار المسيرة؟
وما هي طبيعة العقد بين شركة «ألبا» و»تمكين»؟ إذ وبحسب ما تداول من معلومات؛ فقد دأبت الشركة على تدريب 50 مواطناً سنوياً منذ 2006 من قوائم «تمكين»، ثم يتم توظيفهم بعد انتهاء عقد التدريب، أي أن «ألبا» قامت بتوظيف 350 متدرباً من «تمكين»، وفرص التدريب هذه لم يعلن عنها في الصحف لفتح المجال لجميع فئات المجتمع، خاصة أنه تم انتهاج نفس الأسلوب من قبل «تمكين» مع كثير من المؤسسات وشركات الوطنية، وذلك عن طريق عقود تدريبية لمدة سنتين، ويجدد لهم في بعض المؤسسات، حيث تكلل هذا الأسلوب في النهاية بسلبيات كبيرة تتحملها الدولة من إساءة سمعة ولوم وتقصير، وذلك كما حدث مع متدربي «ألبا» الذين قادتهم النقابة في مسيرة احتجاجات، وأعقب ذلك تسجيلات وردود فعل فيها الكثير من اللغط المسيء وخلط الأوراق الذي قد تستفيد منه جهات معادية، وكأن هذه القضية جاءت على صحن من ذهب، وها نحن نرى نقابة عمالية أخرى تربط موضوع متدربي «ألبا» بمفصولين لا يعلم خلفياتهم، وإنما تصر هذه النقابة على إبقائهم كملف تستفيد منه لتواصل ادعاءاتها الكاذبة ضد الدولة.
نعود لقضية المتدربين؛ كيف تكون فترة التدريب لمدة سنتين؟ وما هي المهنة التي تتطلب هذه المدة؟ ولماذا تم استخدام «عقد التدريب» ولم يستخدم «عقد عمل»؛ هل هو حسن تخطيط ودهاء من قبل القائمين على مشروع «تمكين» سابقاً؟ لأن عقد التدريب لا يلزم توفر الشاغر، حيث يمكن قبول أكبر عدد من القوائم بحجة التدريب لا غير؟ أليست مدة «سنتين للمتدربين» تلزم المؤسسة توظيفهم، لأن المتدرب قد اعتمد على الراتب في تصريف حياته وارتبط بقروض، خاصة أن شهادة الراتب للبنوك قد يكون فيها أنه «عامل/موظف»، فمن هو بعدها يكون الضحية؟ الضحية الدولة التي ستكون مقصرة في نظر المواطنين، والضحية الثانية المواطن الذي تولد لديه شعور أنه سيكون موظفاً دائماً؟ ومن المتسبب في هذه المشاكل؟ هي الإدارة السابقة لـ»تمكين» التي حققت مآربها حين أخفت هذه الفرصة وتذاكت على المؤسسات باسم «التدريب»، ونقابات العمال التي ترفع رصيدها عندما تخرج مسيرات تندد بالفصل وغيرها من شعارات وتسجيلات تألب فيها المجتمع البحريني!!
إذاً ينبغي عند التعاطي مع أي قضية أن يكون أولاً بإبراز الحقائق، وأن العملية لم تكن فصلاً تعسفياً بل انتهاء عقد التدريب، وكان يجب أن تكون مطالبة الشركة نفسها إعطاءهم الأولوية في التوظيف مادام باب التوظيف مفتوحاً، وأنه تصرف تشكر عليه شركة ألبا بتسكين المتدربين في الشواغر لديها، ولكن يجب النظر في هذه القضية من كل الجوانب حتى لا تتكرر في المستقبل.