عبارة جميلة ولافتة وجهها مرشد الثورة في إيران، علي خامنئي، أخيراً إلى المسؤولين الإيرانيين والشعب الإيراني، فقد حذر من «التسلل السياسي والثقافي» للولايات المتحدة، معتبراً أنه أكثر خطورة من «التسلل الاقتصادي والأمني»، وأن «هدف العدو هو أن يتخلى الشعب الإيراني عن مثاله الثوري ويخسر قوته».
الخامنئي مارس حقه في تحذير الشعب الإيراني من «التسلل السياسي والثقافي» للولايات المتحدة، ونحن أيضاً في البحرين نمارس حقنا في تحذير الشعب من «التسلل السياسي والثقافي» لإيران، فهدف إيران هو أن يتخلى شعب البحرين عن مثاله ومكتسباته ويستسلم لإيران.
مثلما أن من حق إيران أن تحذر شعبها من التسلل الأمريكي بأنواعه؛ كذلك فإن من حق البحرين أن تحذر شعبها من التسلل الإيراني بأنواعه، مع فارق واضح هو أن أمريكا لا تتدخل في شؤون إيران الداخلية؛ بينما إيران تتدخل في شؤون البحرين الداخلية وعلى المكشوف، ما يعني أن من حق البحرين أن تبذل جهوداً أكبر في الدفاع عن نفسها لصد «المتسلل والمتدخل في شؤونها».
مثلما أن إيران لا تقبل على نفسها، كذلك فإن البحرين لا تقبل على نفسها. إيران تشكك في كل خطوة أمريكية، وهذا حقها. والبحرين من حقها أيضاً أن تشكك في كل خطوة إيرانية. خطورة إيران على البحرين أكبر من خطورة الولايات المتحدة على إيران. هذا ما ينبغي أن تفهمه إيران جيداً. من لا يقبل أن يتدخل الآخرون في شؤونه الداخلية عليه ألا يتدخل في شؤون الآخرين الداخلية. من يمارس حقه في التخوف من خطوات الآخرين ونواياهم عليه أيضاً أن يتفهم تخوف الآخرين منه ومن نواياه. إيران لا تثق في أمريكا، وهذا حقها، ونحن أيضاً لا نثق في إيران، وهذا حقنا. المثير أن إيران لا تعتبر ما تقوم به وتفعله وتصرح به تدخلاً في شؤون البحرين ودول المنطقة، حيث الواضح أنها تعتقد أنها إنما تمارس حقاً، فالخليج «فارسي» ودول الخليج العربي، وخصوصاً البحرين «مال مو»، ولهذا تبدي استغرابها من أي رفض لسلوكياتها!
هناك فارق آخر مهم أيضاً؛ وهو أن الولايات المتحدة لم تتمكن بعد من التسلل إلى إيران، لا اقتصادياً ولا أمنياً ولا سياسياً ولا ثقافياً، بينما قطعت إيران شوطاً في تسللها إلى البحرين، فلإيران اليوم خلايا نائمة، غير تلك التي تم إيقاظها واكتشف أمرها ونالت جزاءها، ولإيران اليوم مؤيدون هنا ومتعاونون كثر تمكنت من إيهامهم أنها قادرة على توصيلهم إلى السلطة فدعمتهم ولاتزال بكل ما أوتيت من قوة، ومن يتابع تصريحات وتغريدات ذلك البعض المهووس بالتجربة الإيرانية يتبين له أن إيران وعدتهم وزينت لهم كثيراً حتى أوصلتهم إلى مرحلة الاقتناع بأن ما يفصلهم عن «اليوم الموعود» أيام قليلة وأنهم سرعان ما سيجلسون على كرسي الحكم، ولا بأس لو أعلنوا البحرين محافظة إيرانية جديدة.
إيران لم تكتفِ بكل هذا، لهذا فإنها مستمرة في محاولاتها للتسلل. يكفي للتأكيد على هذا أن توقف إيران عن هذا الذي تحلم به والابتعاد عن البحرين وترك أهل البحرين يحلون مشكلتهم بأنفسهم كفيل بحل كل مشكلات البحرين، فإيران هي «ساس البلى» وإخراجها البحرين من «دماغها» أول طريق الحل.
الأمريكان لا يحركون عناصر لهم زرعوها في إيران، أو لعلهم يفعلون ولكن لم يحصلوا على ناتج يشجعهم على الاستمرار، بينما إيران تحرك كل عناصرها التي زرعتها في البحرين وتمولها بسخاء، والعالم يرى ويعرف كل هذا جيداً، ويعرف العلاقة التي صارت مكشوفة بينها وبين أولئك الذين تحركهم وتدعمهم إعلامياً وتنتظر منهم مثلما ينتظرون منها.