جواب السؤال الذي يثار عادة عند إعلان وزارة الداخلية عن ضبط تنظيم إرهابي واكتشاف مواد تفجير وأسلحة نارية بمخابئ سرية عما إذا كان مثل هذا الإعلان مسرحية المراد منها ضرب «المعارضة» وتوفير مبرر للاعتقال والحبس، جوابه يكون بسؤال ملخصه هل يعقل أن تعلن الحكومة عن مثل هذه الأمور التي تدفع المستثمرين للهرب في وقت تبحث فيه عن المستثمرين ويسعى مجلس التنمية الاقتصادية إلى الاستفادة من كل دقيقة كي يكسب المستثمرين ويرتقي بالاقتصاد؟ هل يمكن أن يحدث مثل هذا الأمر في وقت تتسابق فيه دول المنطقة على جذب الاستثمارات للتعويض عن انخفاض أسعار النفط؟
منطقاً لا يمكن للحكومة أن تعلن عن اكتشاف خلايا إرهابية ومخابئ أسلحة ومتفجرات لا وجود لها من الأساس لأن مثل هذا الإعلان قد يتسبب في هروب المستثمر، فالمستثمر من الطبيعي أنه يخاف على أمواله التي يريد أن يستثمرها، ومن الطبيعي أنه لن يغامر باستثمارها في بلاد لا تعرف الاستقرار، وبالتالي فإن المنطق يقول إن الأفضل للحكومة أن تتكتم على مثل هذه الأخبار لا أن تعلن عنها وتوفر المبرر للمستثمر كي يهرب.
لولا أن وزارة الداخلية اكتشفت بالفعل كل هذه الأمور وضبطت تنظيماً إرهابياً لما سمحت لها الحكومة بالإعلان عن مثل هذا الأمر لأنها باختصار هي المتضرر الأكبر من مثل هذه الإعلانات. عليه فإن القول بأن هذا الإعلان مسرحية مردود عليه ولا قيمة له.
المستثمر لا يأتي إلى البلاد التي يشعر أنها غير مستقرة، لأنه لا يكون مطمئناً على أمواله التي سيستثمرها، لذا فإنه عندما يسمع عن اكتشاف خلايا إرهابية وأسلحة ومتفجرات يقرر الهروب إلى أي بلد يشعره بأن أمواله في أمان. لا يمكن للمستثمر أن يجامل أي حكومة أو أي شخص في مثل هذه الأمور وإلا يوصف بأنه غير عاقل، فالمال عديل الروح ومن غير المعقول أن يغامر المستثمر بأمواله كي يجامل هذه الحكومة أو تلك أو ليمتدحه الآخرون.
أما الحكومة فالأكيد أنها منتبهة لمثل هذا الأمر وتعلم أن مثل هذه الإعلانات لها تأثير سلبي على الاستثمارات ولكنها تفعل ذلك مضطرة، فمن غير المعقول أيضاً ألا تعلن عن وجود مثل هذه الأمور الخطيرة. ولأن مثل هذا الإعلان ليس الأول فهذا يعني أنه ربما لن يكون الأخير، فطالما هناك من يتربص بهذا الوطن فالأكيد أنه لن يتوقف عن المحاولة من جديد، وبالتالي فإن المتوقع أن تكتشف الداخلية مخابئ أخرى للأسلحة والمتفجرات وتكتشف خلايا إرهابية، والأكيد أنها ستضطر إلى الإعلان عن هذه الاكتشافات حتى وهي تعلم أنها يمكن أن تؤثر على الاستثمارات سلباً.
أما إيران فمن الطبيعي أنها ستنكر علاقتها بهذا التنظيم الإرهابي، تماماً مثلما فعلت مع التنظيمات الإرهابية الأخرى التي سبق اكتشافها، وهذا ما فعلته في نفس اليوم من خلال ماكينتها الإعلامية، ومن تابع برنامج «حديث البحرين» الذي تبثه الفضائية السوسة «العالم» يومياً وتتيح الفرصة من خلاله لكل من يرغب في توجيه الشتائم والسباب للبحرين وأهلها وقيادتها أن يفعل، من تابع هذا البرنامج منذ يوم الإعلان عن ضبط التنظيم الإرهابي واكتشاف مخابئ الأسلحة لابد أنه لاحظ كيف أن إيران استنفرت وسعت إلى توظيف كل عناصرها للنأي بنفسها عن هذا الاتهام، فأوعزت إلى «ضيوف» ذلك البرنامج من «البحرينيين» ليدافعوا بحماس عنها وينفوا عنها التهمة، من دون أن ينتبهوا إلى مسألة أن إعلان البحرين عن اكتشاف مثل هذه التنظيمات وهذه المخابئ للأسلحة والمتفجرات يضرها ويؤثر سلباً على الاستثمارات فيها، أي أنها حقيقية وليست مسرحيات كما يحلو للبعض أن يردد.