كتبت ما يكفي من المقالات حول مشاكل وزارة الصحة والمشاكل التي تواجه الأطباء، وكلها تكفي لو جمعت لتكون إحدى المعلقات السبع في عصر الصحافة الحديثة، لكن لم يتفرغ أحد المسؤولين بوزارة الصحة للرد على تلكم المقالات التي تعنى بتقصيرهم، من باب «الحقران يقطع المصران»، ولكن ما عساهم اليوم أن يردوا بعد أن ورد اسم وزارة الصحة بجملة من المخالفات الصريحة في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية؟
يوم الخميس الماضي هاتفتني وزيرة الصحة التي لم تكمل أسابيع قليلة من توليها المنصب، مشيدة بكل حرف كتبته في مقالاتي للأسبوع الماضي حول مشاكل الصحة، مبدية توافقها التام معي حول كل ما ورد في المقالات، كما أنها أبدت استعدادها التام للتعاون مع «السلطة الرابعة» من أجل معرفة مناطق النقص والخلل في أروقة الوزارة، كما أن الوزيرة أكدت لي بأن الصحافة هي مرآة الصحة للكشف عن العيوب من أجل تصحيحها، كل ذلك في سبيل بناء وطن يساهم فيه الجميع.
بداية أشكر معالي وزيرة الصحة على تجاوبها الفوري والفعال حول كل ما تكتبه وسائل الإعلام، وبالخصوص الصحافة المحلية، كما أشكرها على تقبلها النقد بكل رحابة صدر، واستعدادها للتعاون معنا من أجل تصحيح بعض الأمور القلقة داخل أروقة وزارة الصحة ممن سبقوها.
في مقابل هذا التثمين الجميل باستجابة معالي وزيرة الصحة لما يكتب في صحافتنا المحلية، نود أن نؤكد لها ومن باب المسؤولية والأمانة وباعتبارها جديدة عهد على وزارة كثرت حولها الشبهات، بأن أمامها مجموعة من التحديات والألغام يجب عليها أن تواجهها بكل شجاعة، ونحن على ثقة كبيرة بمعاليها للتصدي لكل انحراف داخل أروقة الوزارة وتصحيح المسارات المعوجة، ولو أرادت أن تبدأ بمشروعها التصحيحي من أجل وزارة تخلو من الآفات والمشاكل، فنحن بدورنا نمد لها يد المساعدة في سبيل القضاء على كل أنواع الفساد، وعلى الخصوص ما جاء في التقرير الأخير لديوان الرقابة المالية والإدارية.
أبدت الوزيرة في مهاتفتها لي يوم الخميس الماضي استعدادها لحلحلة الكثير من الملفات العالقة، وعلى رأسها ملف «السكلر» وملف تحسين الخدمات الطبية وكذلك ملف عقود الأطباء الجدد، وهذه خطوات جريئة وشجاعة تحسب للوزيرة لو استطاعت أن تواجهها وتعالجها، ونحن على ثقة بأنها تستطيع ذلك، لأنها تملك من الإرادة الوطنية الصادقة ما يكفي لتصحيح الكثير من الأوضاع السلبية.
على الرغم من قساوة النقد الذي طرحته في مقالاتي الأخيرة حول أداء وزارة الصحة، إلا أن الوزيرة اعتبرته أمراً طبيعياً حين يصدر من السلطة الرابعة، بل أكدت لنا الوزيرة أن الصحافة هي العين الثانية للكشف عن العيوب الخفية داخل وزارات الدولة من أجل بناء وطن صلب يقوم على احترام الكفاءات. واللطيف في الأمر أن الوزيرة رفضت كل أشكال المجاملات وضرب «الجوخ»، سواء من طرف الوزارة أو حتى من طرف الإعلاميين، لأنها تدرك أن النقد هو أول خطوات التغيير نحو الأفضل وليس التلميع.
كنا نتمنى أن تقوم العلاقات العامة بوزارة الصحة منذ ما يقارب العامين بالرد على مقالاتنا المتعلقة بتصحيح وضعية مسارات الصحة وخدماتها، لكنها لم تفعل ذلك أبداً، لكن وبمكالمة واحدة فقط، استطاعت الوزيرة أن تستمع لكل ما كان يجول بخاطرنا من نقد حول أداء الوزارة، وأبدت استعدادها لأن تفتح قلبها لكل أشكال النقد ولو كان قاسياً، وهذا ما كان يجب أن يكون منذ أمد بعيد، فشكراً معالي وزيرة الصحة، فاستماعك لصوتنا هو البداية وليست النهاية.