ليس مهم أن تعرف انتماءات الرجال وإلى أي حزب ينتمون، أو إلى أي قبيلة يرجعون؛ بل المهم أن تعرف أنهم رجال حملوا السلاح دفاعاً عن أرضهم ودينهم وشرفهم، إنهم أولئك الرجال الذي ينتمي إليهم «نايف الجماعي» الذي امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي اليمنية حزناً وألماً على رحيله، إنه الرجل الذي تولى إدارة أكثر من مؤسسة تجارية ومصرفية، ومن آخر مهامه إدارته لبنك اليمن والبحرين الشامل فرع محافظة تعز، وإدارة بنك سبأ الإسلامي في إب، حمل السلاح لا ليغرسه في قلب الوطن كما فعل الحوثيون؛ بل ليقطع يد أعداء الوطن التي امتدت إليه لتغتصب حكمه وأرضه، وذلك مثلهم مثل ما فعل بعض الأطباء والمعلمين وأصحاب الدرجات العلمية العليا وأصحاب المناصب في المؤسسات الحكومية والشركات الوطنية حين شاركوا في المؤامرة الانقلابية لصالح إيران، هذا واقع لا يمكن أن ينسى حين نقارن بين الأبطال الذين يفدون أوطانهم بأرواحهم وبين الخونة الذين يطعنون الوطن في قلبه عندما تحين لهم الفرصة مثل الحوثيين وأشباههم في البحرين.
هذه هي سمات البطولة الحقيقية التي ضرب بها مثال «نايف الجماعي» والذي قاد مقاومة «العدين»، وليس أولئك الذين يتشدقون بالبطولة ويطلقون على أنفسهم الشيخ البطل المناضل، وهو العدو اللدود لوطنه والأمة الإسلامية، يفرح لأحزانهم ويتكاتب مع أعدائه الذي طلب منهم احتلال بلاده، إنهم أبطال في الخبث والخيانة واللؤم مثلهم كمثل أسلافهم «ابن العلقمي» و»الطوسي»، أما البطل فهو الذي تبكي عليه الشعوب، مثلما يبكي اليوم الشعب اليمني البطل «الجماعي»، وها هو المحلل السياسي اليمني على الشريف يقول في تغريدته «لا أعرف نايف الجماعي ولا يضيره أنني لا أعرفه، شعرت بوجع لاستشهاده رغم عدم معرفتي به، لأنني استيقظت وشبكة التواصل الاجتماعي كلها موجوعة، ومفجوعة إلى رحاب الخالدين أيها البطل»، كما نعى استشهاد «الجماعي» المتحدث باسم الرئاسة اليمنية حمزة الكمالي بقوله: «عندما يرحل الأبطال لا يبكي عليهم آباؤهم، ولا أطفالهم، بل أوطانهم، وكذلك نايف رحمه الله».
ليس فقط البطل «نايف الجماعي»، بل الكثير من رجالات اليمن الذين استشهدوا في سبيل أوطانهم، شيبة وشباب، ومنهم كذلك الشاب «أسامة المخلافي»، الذي استشهد في معارك شمال تعز، وهو نجل قائد المقاومة بتعز حمود سعيد المخلافي، وكان آخر ما كتبه الشهيد المخلافي في صفحته على موقع الفيسبوك قائلاً: «تحية إجلال وعزة وفخر للمقاومة الشعبية في محافظة تعز وفي اليمن بشكل عام، وصيتي إليكم أن تقاتلوا المعتدين بشراسة وتضربوا أعناقهم وتجعلوا تعز مقبرة لهم أنتم منصورون بإذن الله لأن قضيتكم عادلة وهدفكم صادق، لأنكم تدافعون عن أنفسكم وعن عزتكم وكرامتكم، ولابد أن نختار طريقة موتنا لأنها الفرصة الوحيدة التي لا تتكرر فاغتنموها وموتوا وأنتم شامخون شموخ الجبال، عاشت المقاومة حرة أبية والذل والعار للمعتدين والخونة».
أما ثبات والده الشيخ حمود سعيد المخلافي، فقد ذكرت رشيدة القيلي رئيس حلف الفضول أنها تواصلت بوالده، للتأكد من استشهاد ابنه فكان كما قالت ثباته كالجبال وذكرت نص المحادثة التي دارت بينهما تقول: «أول ما سمع صوتي بادرني بالترحيب والقول: «لقد أبليتي يا رشيدة بلاء حسناً في مؤتمر الرياض»، فترددت أن أعزيه حينما وجدته يحدثني عن أمر خارج نطاق الموت والحرب والمحنة.. فشككت في صحة الخبر، فقلت له: هل صحيح خبر أسامة، فقال: نعم.. عظم الله أجرنا وسنزحف بإذن الله حتى نصل صعدة، هذا كلامه حرفياً، أنا أبكي وهو من يواسيني».
إنهم رجال اليمن الذين تصدوا لكيد المعتدي، فصدوه عندما حاول أن يعتدي، إنه «نايف الجماعي» ورفقاؤه، إنه أسامة المخلافي وكثير من الأسماء من أبناء اليمن الذين استشهدوا في سبيل الدفاع عن وطنهم ودينهم وأهلهم، ولكن القائمة تطول، وروعة بطولاتهم يحول صغر المساحة دون سردها، إنهم أهل اليمن الذين بإذن الله سيطهرون أرضهم من أرجاس عملاء إيران حتى يقذفوا بهم من فوق قمم جبال الصعدة إلى حفرة ليس لها قرار.