لم تعد شوارع البحرين تطاق، إذ أصبحت كل ساعاتنا ساعات ذروة، وكل شوارعنا وطرقاتنا وأزقتنا أضحت مزدحمة، وكل مركباتنا غدت مكدسة فوق الطرقات والأرصفة، فما نلمسه من اختناقات مرورية يستوجب من الدولة أن تقف بكل إمكانياتها وبكل جد لمعالجة هذه الأزمة التي باتت تؤرق كل المواطنين والمقيمين والسياح والمستثمرين، وكل من يدب على وجه هذا الوطن.
إن الاختناقات المرورية خلال هذه الفترة تحديداً بدت أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، ولا نحتاج لأسئلة أو اختبارات أو مسابقات ذكية أو حتى غبية لنتعرف على حجم هذه المأساة، فكل من يستخدم شوارع البحرين، بدءاً من المحرق مرورا بالمنامة وانتهاء بالصخير، سيلمس حجم خطورة الوضع الذي نعيشه في ظل ارتباك واضح للحركة المرورية في الشوارع، فلا المركبات تسير ولا الشاحنات تسير ولا حتى الدراجات باستطاعتها أن تسير، فكل شيء بدا واقفاً حتى إشعار آخر.
لتأكيد خطورة هذا الأمر بدأت الدولة ومن هذه اللحظة في التفكير الجدي لمعالجة الأزمة، ومن هذا المنطلق الواقعي، ترأس الفريق الركن وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة قبل أيام، اجتماع مجلس المرور، وذلك بحضور وزير الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني عصام عبدالله خلف ووزير المواصلات والاتصالات كمال أحمد محمد، حيث بحث المجلس أعماله بدراسة الحلول المناسبة لمعالجة الازدحامات المرورية، وتقرر تكليف اللجنة الفنية بدراسة وتقديم تقرير حول العمر الافتراضي للمركبات ووضع مواصفات للفحص الفني، كما استعرض المجلس المشاريع التي تم إنجازها وكذلك المشاريع المستقبلية، والمتوقع أن تسهم بشكل جوهري في تحقيق الانسيابية في الحركة المرورية، والبالغ عددها 11 مشروعاً، من بينها تحويل دواري ألبا والنويدرات إلى تقاطعات وجسور، ودائري المحرق وكوبري دوار 18 بمدينة حمد والمتوقع افتتاحه في ديسمبر المقبل، وكذلك جسر البسيتين وتقاطع غاز البحرين، وفي هذا الإطار أكد معالي وزير الداخلية رئيس المجلس على ضرورة سرعة البدء بهذه المشاريع وإتمامها في الوقت المحدد للمساهمة في معالجة الازدحامات المرورية.
ربما يكون هذا الاجتماع المهم هو لتفادي تعاظم مشكلة الاختناقات المرورية، ومحاولة تدارك ما يمكن للدولة تداركه في هذا الوقت بالذات، حيث أصبح «ازدحام الشوارع» حديث الساعة، كذلك الناس بدأت تترقب أي قرار رسمي لمعالجة أزمة شوارعنا التي لم تعد تطاق للاستعمال البشري، فالساعات التي يقضونها في الشوارع وعند إشارات المرور في كل صباح ومساء تفوق الساعات التي يقضونها داخل العمل أو من أجل القراءة المفيدة أو الجلوس بين أفراد أسرهم، وهذا يدل على أن المسألة لا تحتمل التأجيل أو التجاهل.
نتمنى من «مجلس المرور» في الوقت الراهن أن يقوم باتخاذ التدابير السريعة لرسم الحلول المؤقتة للقضاء على الازدحامات المرورية في البحرين، وحتى لحظة وضع الخطة الإستراتيجية المتكاملة لمعالجة هذه الأزمة بشكل كامل، إذ لا يمكن أن نصبر داخل مركباتنا بالساعات، حتى تنتهي الوزارات المعنية من اجتماعاتها ومن إعداد الخطط والتصاميم الهندسية وغيرها من الحلول الدائمة، وحتى ذلك الوقت نتمنى مرة أخرى أن تجدوأ حلولاً مؤقتة للأزمة المرورية في البحرين، ونحن على ثقة أن إحساس المسؤولين بحجم هذه المشكلة ربما يسارع بخطواتهم نحو الحل، وهذه هي بداية السير في الطريق الصحيح لأجل التصحيح، وعودة الهدوء الطبيعي لشوارعنا التي كانت توصف في يوم من الأيام بأنها من أكثر الشوارع انسيابية وسلاسة بين كل دول العالم.