مع احترامي الشديد لبعض الفعاليات البحرينية التي تقام في الخارج ويصرف عليها الكثير، ومع احترامي أيضاً للجهود المبذولة من القائمين عليها مقراً لهم عملهم، وكذلك المشاركات والوفود الذاهبة والعائدة، إلا أنني كمواطن أتساءل عن مكاسبي منها ومنفعتي من ورائها؟!
ليس سؤالاً أنانياً يتعلق بفرد هنا أو هناك، لكنه سؤال سنجده يطرح في أوساط المجتمع البحريني بكثرة، لكن الحق يقال بأن نسبته الحقيقية من التكرار مغيبة أو معدومة من الإعلام الرسمي وحتى الصحافة بنسبة معينة.
هناك من يرد دائماً ويقول حينما يطرح سؤال كهذا، بأن المكاسب كبيرة تلك التي تعود على البحرين كدولة، بل بعضهم يتحدث عنها وكأننا حققنا إنجازاً ما بعده إنجاز وأن غالبية الناس «لا تعي» ذلك ولا تدركه، بصيغة تذكرنا بالمقولة المزعجة «نشوف اللي ما تشوفونه».
كل هذا غير صحيح، فأنا كمواطن ومراقب من حقي أن أعرف «عائد» المصروفات الخارجية على فعاليات ومشاركات ومعارض، أريد «قياساً للعائد» يكون ذا معيار حقيقي وشفاف، يجعلني أقتنع بأن ما تم صرفه وإنفاقه «استحق» ذلك، ويجعلني أتأكد بأن البحرين استفادت أكبر استفادة من ذلك، وذلك من خلال التأثير الواضح والصريح على الرأي العالمي وتغير نظرته لنا، والتي كثيراً ما «حرفتها» محاولات التشويه الخارجية.
اليوم البحرين ليست في حالة «ترف اقتصادي» بحيث نقبل بصرف مبالغ على فعاليات خارجية لا نضمن بأنها تغير من النظرة العالمية لنا، لا نضمن بأنها ستصحح الصورة المغلوطة، لا نضمن بأنها ستقوم بالرد وتفنيد كل ادعاء كاذب، فهذه الأموال التي تصرف سيكون أولى أن تصرف في الداخل على أمور يستفيد منها المواطن في حياته ومعيشته.
كم من المشاركات الخارجية والوفود المسافرة يمنة ويسرة شهدنا؟! وفي المقابل كم منها أثر بشكل صريح وواضح في عملية الدفاع عن البحرين وتقديمها بصورتها الحقيقية؟!
ولأننا لا نتحصل على إجابة صريحة وواضحة وشفافة وتتضمن أرقاماً ورصداً ومشاهدات وإثباتات، فإن الجزم بعدم تحقيق هذه الجهود لهدفها بات بمثابة القناعة لدى الكثيرين، وإننا لم ننجح حتى اليوم في التحرك خارجياً بشكل صحيح.
نعم قد تكون بعض الفعاليات ناجحة ومثيرة لإعجاب المشاركين فيها، وبعضهم نخب معينة، لكن من غير المقبول أن يكون تأثيرها محدوداً ووقتياً، بحيث حينما تنتهي تعود نفس الأسطوانة للتكرار، ويعود نفس المجتمع أو الوسط المستهدف منها للحديث عن البحرين بشكل مغلوط مجدداً.
أكتب ذلك وأنا أقرأ في جانب آخر عن السجال المحموم بين النواب للظفر بمقاعد لجنة حقوق الإنسان، والذي أشارت له صحيفتنا «الوطن» يوم أمس وقالت بحسب مراقبين أن تبريرهم لهذا السجال رغبة النواب في الظفر بسفرات إلى جنيف واجتماعات الاتحاد الأوروبي!
الفكرة هنا ليست متعلقة بمن يوجد في اللجنة، بل الفكرة الأكبر مرتبطة بماذا سيفعل أعضاء اللجنة، وما هدفهم المحدد منها؟!
هنا يفترض القول بأن الهدف الوحيد المطلوب يتمثل بالدفاع الصحيح وعلى أصوله عن البحرين، وبالطريقة العلمية المتقدمة، وعبر الأدلة والإثباتات، وأن يكون الصوت البحريني في الاجتماعات حاسماً قاطعاً وراداً جازماً على أية ادعاءات مغلوطة، أو مواقف لأطراف تم تضليلها، أو لبيانات يصدر فيها ظلم للبحرين.
المسألة ليست من ذهب لجنيف، بل ماذا سيفعل في جنيف، وما هي النتائج التي سيحققها؟!
هنا نؤكد بأنه لا يمكن القبول بأقل من نسبة النجاح التامة، فالبحرين مازالت تشوه صورتها في الخارج، وكثير من مشاركاتنا في الاجتماعات، ومعها بعض الفعاليات والزيارات لم ينجح في تغيير النظرة السلبية، وهي النظرة التي تمثل نتيجة لعمل مستمر ودائم ومتواصل من كارهي البحرين، في مقابل جهود لجهات وأفراد وبرلمانيين وحتى مسؤولين تجد منهم الجاد والحريص والمركز في عمله والهدف منه، وتجد بعضهم يعتبرها «سياحة» ومشاركة «إن صابت صابت.. وإن خابت.. فحاول مرة أخرى»!
الإنفاق على التحرك الخارجي يجب أن يكون بعناية وبعد دراسة دقيقة تضمن وجود «عائد من الإنفاق»، وكذلك المشاركات الخارجية لابد وأن يتم تصحيح بوصلتها، وإسنادها للأشخاص الكفوئين القادرين لا «السائحين» العاجزين عن الرد والإفحام، وإلا فإن البحرين وأهلها أولى بهذه الأموال.
لا يعقل أن نصرف ملايين، ونوفد عشرات الوفود، ونقيم مختلف الفعاليات، ونشارك في عديد من الاجتماعات، وبعدها تظل البحرين مستهدفة، وتتواصل التصريحات المضادة لشخصيات بعضها قد يكون شارك في هذه الفعاليات والاجتماعات وصدرت منه إشادة «وقتية» حينها، لكن بعد ذلك زالت بزوال المؤثر.