شهد تعبير «الحرب على الإرهاب» ثلاثة مستويات استخدام متفاوتة خلال الأربعينات والسبعينات والألفية، وربما يكون قد تأثر جوهرياً بهذه الانتقالات الثلاثة، فيما يتعلق بدلالة المعنى والسياق.
ووجد هذا التعبير انتقادات خلال كافة الحقب التي ظهر فيها، وإن كان الانتقاد الأكثر قد ترافق خلال الاستخدام الأخير عقب أحداث 11 سبتمبر عام 2001، إذ ارتبط لدى الكثيرين باعتباره ذريعة أمريكية للتدخل في شؤون الدول الأخرى، باسم «الحرب على الإرهاب».
لقد طرح العديد من المراقبين تساؤلات حول جدوى الخيار العسكري، خاصة بعد فشل الولايات المتحدة في الصومال، وأعتبر آخرون أن تجربة العراق كانت فشلاً من نوع آخر.
من المصادفات الغريبة أن يكون الفارق الزمني بين كل استخدام وآخر لتعبير «الحرب على الإرهاب»، خلال المستويات الثلاثة، هو ثلاث حقب (30 عاماً)، وربما يكون لذلك دلالته عند من يؤمنون بنظرية المؤامرة، لكن ما يهم هنا هو أن هذا التعبير، خاصة في المرحلة الأخيرة، استخدم ككلمة حق أُريد بها باطل.
أول مرة أُستخدم فيها تعبير «الحرب على الإرهاب»، وفقاً لموسوعة ويكيبيديا، أثناء الحملة الواسعة التي قامت بها سلطات الانتداب البريطاني في فلسطين، خلال حقبة الأربعينات، للقضاء على سلسلة من الضربات التي استهدفت مدنيين فلسطينيين والتي كانت تقوم بها منظمتا «أرجون» و»شتيرن» فقامت القوات البريطانية بحملة دعائية واسعة في الصحف قبيل الحملة وأطلقوا تسمية الحرب على الإرهاب عليها.
الانتشار الأوسع للتعبير حدث في نهاية السبعينيات حيث كان تعبير War on Terrorism مكتوباً نصاً على غلاف مجلة «التايم» في عام 1977 وكان عنواناً لمقال رئيس عن المعارضين أو ما أسماهم المقال اللاسلطويين الذين كانوا من المعارضين السياسيين لحكومات الاتحاد السوفيتي وبعض الحكومات الأوروبية.
ثم جاءت فترة ما بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001، حيث أعلن الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش الابن حقبة جديدة من «الحرب على الإرهاب»، عبر حملات متعددة الأوجه على الصعد الإعلامية والاقتصادية والأمنية والعسكرية استهدفت دولاً ذات سيادة وحكومات.
وفي مايو عام 2010 أقرت استراتيجية الإدارة الأمريكية الجديدة للأمن القومي التخلي عن تعبير «الحرب على الإرهاب».
وعلى الرغم من ذلك فإن ذات الأساليب لا تزال مستمرة تحت مسميات أخرى، منها التحالف الدولي الذي بدأت أولى ضرباته في 19 سبتمبر 2014، وتقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش» بمشاركة خليجية وفرنسية.
الحرب ضد «داعش» راهناً تتحرك في مسارين منفصلين أولهما التحالف الدولي، والثاني تقوده روسيا بدعم إيراني سوري اختار قصف معاقل المعارضة المسلحة في سوريا رغم إعلانه أنه يعمل للقضاء على «داعش».
ومع ذلك، فلا يزال تنظيم «داعش» غير متأثر بشكل مباشر بهذه الضربات الروسية أو الأمريكية، رغم أن التحالف الدولي ينفق 10 ملايين دولار أسبوعياً من أجل القضاء على «داعش»، الأمر الذي يشير إلى أن التنظيم مستفيد من هذه التجمعات العسكرية بشكل أو آخر، خاصة أنها لا تملك قواتاً برية تستطيع ملاحقة أفراد التنظيم وإلحاق الهزيمة بهم.
والدول الكبرى في هذه الأعمال العسكرية، تعمل من أجل مصالحها، لا يعنيها كثيراً إذا انتهى «داعش» ميدانياً أو لا، إنما هي تعمل على تحجيمه في مكانه الجغرافي بالشرق الأوسط فقط، حتى لا يتمدد إلى أوروبا أو أن تكون له أعمال عدائية بالولايات المتحدة، لذلك جاءت التخوفات مع انتقال اللاجئيين السوريين إلى أوروبا من أن يستخدمهم «داعش» كحصان طروادة لنقل «الداعشيين» إلى أوروبا.