الإرهاب لا يمكن تبريره تحت أي ذريعة، لا يمكن توصيفه على أنه «جهاد مقدس»، ولا يمكن اعتباره «حركة نضالية»، الإرهاب واضح في توصيفه، هو اعتداء على البشر والحريات، وإراقة للدماء وإزهاق للأرواح.
سواء حصل هذا النوع من الإجرام في دول مسلمة أو أجنبية، سواء حصل في العراق أو اليابان أو فرنسا، فإنه إرهاب ولا يمكن لصقه بالأديان ولا تجوز إباحته، هو قتل عمد للناس، وإقلاق للأمن، ومرتكبوه مجرمون يستحقون أقصى العقوبات.
سلسلة الاعتداءات الإرهابية التي شهدتها فرنسا أمس الأول تحمل بوضوح اسم «داعش»؛ التنظيم الإرهابي الذي يحاول إلصاق اسمه بالإسلام قسراً، وقبله بأيام تفجيرات في الضاحية بلبنان، والذي بشأنه لا يقبل التبرير بأنه استهداف لحزب الله كون الأخير أيضاً حزب إرهابي يمارس القتل والإجرام في حق الشعب السوري.
الإرهاب لا يقابل بإرهاب مثله، لا يوصف أي إنسان بأنه سوي لو قبل بأي صورة من صور الإرهاب، حتى لو كان المستهدف من ورائه عدوه، هذه ليست طبيعة بشرية بل نزعة شيطانية، فالراقص على الدماء ليس سوى مجرم.
عشرات الضحايا والقتلى من الأبرياء الذين راحوا ضحية لإرهاب داعش، ولعمليات يقوم فيها المجرمون بالانتحار عبر تفجير أنفسهم، ما ذنبهم؟! وهل هكذا يريد هذا التنظيم تقديم الإسلام وتعريفه، على أنه دين يبيح الإرهاب؟!
العرب والمسلمون عانوا كثيراً من بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمر قبل أكثر من عقد، وصفوا بالإرهاب وتمت معاملتهم بطرق مسيئة على حدود الدول الغربية، والأخيرة لا تلام، فما فعله تنظيم «القاعدة» الإرهابي لا يوافق عليه من يملك ضميراً إنسانياً، واليوم «داعش» يقدم نفسه بصورة أبشع من القاعدة، عمليات قتل مبتكرة، ووسائل تعذيب غير مسبوقة، وتنفيذ مهووس مشبع بالإجرام والسادية لعمليات هدفها قتل البشر الأبرياء، بذريعة محاربة الأنظمة.
دول عربية اكتوت بنار الإرهاب، واليوم يتغلغل ويصل إلى أوروبا، وبعد فرنسا لابد وأن ترفع دول أخرى تمثل وجهات سياحية مثل بريطانيا وألمانيا وغيرهما سقف الاحترازات الأمنية، إذ هي ليست سوى لحظات يحصل فيها التفجير فيموت الآلاف، ليست سوى محاولة ناجحة لتهريب أسلحة أو الدخول وسط الحشود بحزام ناسف فتحصل الكارثة.
العالم اليوم يتجه بشكل واضح للتوحد على قضية واحدة تتمثل بضرورة محاربة الإرهاب، بكل أشكاله وأنواعه، وهنا لا يجب التهاون مع أي كيان إرهابي يمارس الإجرام والترويع واستهداف البشر، لابد من الصرامة في التعامل مع كل الأطراف الداخلة في هذه الجريمة، سواء داعمين أو ممولين أو مروجين وطبعاً منظمين.
الدول العربية والإسلامية عليها عبء كبير اليوم، لأن دينها تضررت سمعته، ولأن عروبتها تحولت إلى تهمة، والغرب المتضرر من جراء الإرهاب اللاصق نفسه في الإسلام لن يقف متفرجاً وهو يرى بلدانه تستهدفه وشعوبه تقتل.
من كان يتوقع أن يحصل في فرنسا ما حصل؟! ومن يمكنه الجزم اليوم بأن مثل هذا الإجرام لن يتكرر، سواء في بريطانيا أو أمريكا أو حتى في بلداننا العربية؟!
محاربة الإرهاب لا يجب أن تكون بانتقائية، بمعنى محاربة داعش، وترك جماعات إرهابية أخرى وأنظمة كالنظام السوري يمارس الإرهاب الصريح. محاربة الإرهاب لا تعني مساعدة إرهابي على آخر لأن الآخر أشد وطأة وأكثر وضوحاً في «تسويق» عنفه وإجرامه.
داعش لابد وأن يقضى عليها ومعها بقية الإرهابيين من جماعات وأنظمة، وإلا فإن حادثة فرنسا وما سبقها من حوادث ولا تنسوا حادثة الكويت، ستتكرر، وقد نجد الإرهاب يقتحم علينا بيوتنا يوماً.