تعوّل الحكومات الخليجية كثيراً على القطاع الخاص والدور الذي يمكن أن يلعبه خلال الفترة المقبلة من أجل دعم الانتقال إلى مرحلة ما بعد الدولة الريعية. فالقطاع الخاص هو البديل الرئيس عن الحكومة لتقديم مجموعة من الخدمات، ولقيادة الاقتصاد الوطني في ظل عجز الأخيرة عن القيام بالكثير من الوظائف بسبب الأزمات الاقتصادية التي تواجهها جرّاء انخفاض أسعار النفط الذي قد يستمر (تحت 100 دولار) لنحو عقد من الآن.
دول مجلس التعاون الخليجي خلال حقبة الدولة الريعية تمكنت من تحقيق إنجازات على صعيد بناء قطاع خاص قوي، ولكنها في الوقت نفسه لم تنجح كثيراً في تأسيس قطاع خاص قادر على أن يكون بديلاً استراتيجياً لمرحلة تراجع العوائد النفطية، أو مرحلة نهاية الاعتماد على النفط.
خليجياً فإن تنويع مصادر الدخل لم يعتمد كثيراً على ممارسة القطاع الخاص لدوره، بل هناك الكثير من النماذج لشركات القطاع الخاص التي اعتمدت على الدعم الحكومي بشتى صوره، وهو ما ساعدها على النجاح، وساعد بعضها الآخر على تحقيق أرباح طائلة على حساب الحكومات الخليجية، وهذه العملية تتم عادة باسم (دعم الاستثمار الوطني أو الأجنبي)، وقد تكون أمثلتها شركات الطيران الخليجية.
خلال العشرين عاماً الماضية بدأت الحكومات الخليجية بالانتباه إلى ضرورة أن يساهم القطاع الخاص في زيادة خلق الوظائف للحد من نسب البطالة التي مازالت مقبولة نسبياً في دول المنطقة. وفي ضوء ذلك نفذت حزمة مشاريع تعتمد على الشراكة بين القطاعين العام والخاص لاستيعاب الشباب العاطلين، وهو ما كشف إشكالية مشتركة بين الطرفين، فالحكومات لم تتمكن بقدراتها من استيعاب العاطلين، والقطاع الخاص أيضاً لم يتمكن من استيعابهم ولذلك تمت العملية بالشراكة.
الإشكالية إذاً أن القطاع الخاص الخليجي مازال عاجزاً على قيادة الاقتصاد الوطني في دول مجلس التعاون، والحكومات مازالت عاجزة عن العمل بعيداً عن القطاع الخاص، وهذا كله في مرحلة الدولة الريعية، فكيف سيكون الوضع عليه في مرحلة ما بعد الدولة الريعية؟
في المرحلة المقبلة، فإننا أمام حكومات خليجية تواجه تحديات اقتصادية كبيرة، وأمام قطاع خاص اعتمد كثيراً على الدعم الحكومي، وتعامل مع الحكومة كأنها مستثمر لديه وعميل في الوقت نفسه. خيارات عدة متاحة، وقد يكون أهمها فتح المجال أمام القطاع الخاص ليعمل بدون دعم حكومي بحيث يتعامل مع الحكومة كأنها عميل وليس مستثمراً وإن كانت لديها استثمارات في مؤسسات هذا القطاع.
دائماً ما تحسب العلاقات بين الحكومات والقطاع الخاص بلغة الأرقام، ولكن الوقت حان لتعريف هذه العلاقة وفقاً لمقتضيات المصلحة الوطنية والمتغيرات التي ستطرأ قريباً. ولذلك الحاجة تتمثل في قطاع قوي يجب أن يعتمد على نفسه بعيداً عن الدعم الحكومي، وهذا ما سيحدث في الدولة الخليجية في مرحلة ما بعد الدولة الريعية. إزاء هذا الاحتمال فإن القطاع الخاص مقبل على صدمة تاريخية عليه أن يتجاوزها بمسؤولية، وهي مسؤولية قد تكون أخطر من الفقاعات الاقتصادية التي شهدناها في سنوات الطفرة خلال العقد الماضي.
{{ article.visit_count }}
دول مجلس التعاون الخليجي خلال حقبة الدولة الريعية تمكنت من تحقيق إنجازات على صعيد بناء قطاع خاص قوي، ولكنها في الوقت نفسه لم تنجح كثيراً في تأسيس قطاع خاص قادر على أن يكون بديلاً استراتيجياً لمرحلة تراجع العوائد النفطية، أو مرحلة نهاية الاعتماد على النفط.
خليجياً فإن تنويع مصادر الدخل لم يعتمد كثيراً على ممارسة القطاع الخاص لدوره، بل هناك الكثير من النماذج لشركات القطاع الخاص التي اعتمدت على الدعم الحكومي بشتى صوره، وهو ما ساعدها على النجاح، وساعد بعضها الآخر على تحقيق أرباح طائلة على حساب الحكومات الخليجية، وهذه العملية تتم عادة باسم (دعم الاستثمار الوطني أو الأجنبي)، وقد تكون أمثلتها شركات الطيران الخليجية.
خلال العشرين عاماً الماضية بدأت الحكومات الخليجية بالانتباه إلى ضرورة أن يساهم القطاع الخاص في زيادة خلق الوظائف للحد من نسب البطالة التي مازالت مقبولة نسبياً في دول المنطقة. وفي ضوء ذلك نفذت حزمة مشاريع تعتمد على الشراكة بين القطاعين العام والخاص لاستيعاب الشباب العاطلين، وهو ما كشف إشكالية مشتركة بين الطرفين، فالحكومات لم تتمكن بقدراتها من استيعاب العاطلين، والقطاع الخاص أيضاً لم يتمكن من استيعابهم ولذلك تمت العملية بالشراكة.
الإشكالية إذاً أن القطاع الخاص الخليجي مازال عاجزاً على قيادة الاقتصاد الوطني في دول مجلس التعاون، والحكومات مازالت عاجزة عن العمل بعيداً عن القطاع الخاص، وهذا كله في مرحلة الدولة الريعية، فكيف سيكون الوضع عليه في مرحلة ما بعد الدولة الريعية؟
في المرحلة المقبلة، فإننا أمام حكومات خليجية تواجه تحديات اقتصادية كبيرة، وأمام قطاع خاص اعتمد كثيراً على الدعم الحكومي، وتعامل مع الحكومة كأنها مستثمر لديه وعميل في الوقت نفسه. خيارات عدة متاحة، وقد يكون أهمها فتح المجال أمام القطاع الخاص ليعمل بدون دعم حكومي بحيث يتعامل مع الحكومة كأنها عميل وليس مستثمراً وإن كانت لديها استثمارات في مؤسسات هذا القطاع.
دائماً ما تحسب العلاقات بين الحكومات والقطاع الخاص بلغة الأرقام، ولكن الوقت حان لتعريف هذه العلاقة وفقاً لمقتضيات المصلحة الوطنية والمتغيرات التي ستطرأ قريباً. ولذلك الحاجة تتمثل في قطاع قوي يجب أن يعتمد على نفسه بعيداً عن الدعم الحكومي، وهذا ما سيحدث في الدولة الخليجية في مرحلة ما بعد الدولة الريعية. إزاء هذا الاحتمال فإن القطاع الخاص مقبل على صدمة تاريخية عليه أن يتجاوزها بمسؤولية، وهي مسؤولية قد تكون أخطر من الفقاعات الاقتصادية التي شهدناها في سنوات الطفرة خلال العقد الماضي.