يتغنى محبو الدوري الإنجليزي بأرقام المشاهدات التي يتمتع بها البريميرليغ في جميع أنحاء العالم. فدوري بلاد الضباب هو الأكثر طلباً وهو كذلك الأكثر قيمة بالنظر للخمسة مليارات التي كان يتعين على الشبكات التليفزيونية دفعها لتظفر بتلك الوجبة الكروية الشهية التي تثير لعاب الجميع في أنحاء المعمورة.
ورغم أن الدوري الإنجليزي هو الأكثر مشاهدة في العالم فإن الجميع يعلم أن مواجهة ريال مدريد وبرشلونة هي الأكبر في العالم وذلك على النقيض مما تقوله الأرقام التي تصر على أن مباراة مانشستر يونايتد وليفربول يشاهدها ما يقارب الـ 700 مليون شخص مقارنة بنصف المليار فقط الذين يشاهدون مواجهة بلاد الفلامنغو.
الأمر بسيط رغم فارق الـ 200 مليون مشاهد لصالح مواجهة شمال إنجلترا، فنصف هذا الرقم تقريباً يأتي من شرق آسيا حيث يغط سكانها في نوم عميق أثناء إقامة الكلاسيكو إذ تجري في فجر اليوم التالي بالنسبة لأصحاب العيون الضيقة.
الكلاسيكو أكثر انتشاراً ويستمد قوته من قدرته على جذب المشاهدين من جميع أنحاء العالم بشكل متوازن بدون زيادة ضخمة من منطقة معينة كما الحال مع شرق آسيا لمواجهة الأحمرين اليونايتد والليفر.
صراع الكلاسيكو ليس فقط مباراة كرة قدم، بل هو صراع تاريخي بدأت ملامحه ترتسم مع الحرب الأهلية الإسبانية في بدايات الثلاثينيات والتي استعرت نارها بالذات في إقليمي كتالونيا والباسك المتمردين اللذين لا يريدان الاعتراف بسطوة الجنرال فرانكو.
عشاق البرسا يتندرون بكون فريقهم أكثر من مجرد نادي فهو الملاذ الآمن الذي بحث عنه المتمردون ليشعروا بكتلونيتهم وقدرتهم على خرق قانون فرانكو.
أما عشاق ريال مدريد فهم يسخرون من تلك الفكرة يؤكد بعضهم أن فرانكو أصلاً كان مشجعاً لأتلتيكو مدريد وليس للريال وأن الميرينغي هو السيد والزعيم.
ولأن الأمر خرج عن طور كرة القدم وصار معركة بين اقليم متمرد وعاصمة فإن الباسك كان هو الآخر أولى بتلك المعركة إلا أن أتلتيك بلباو لم يصمد ولم يقوى على أن يستمر أحد أضلاع المنافسة بشكل مستمر خصوصاً مع تغير أحوال كرة القدم وصار الشراء قبل البناء هو السائد فلم تعد سياسته بحصر مشاركة اللاعبين على أبناء الإقليم بقادرة على مواجهة التغيرات الجديدة في عالم المستديرة.
لذلك اقتصرت المواجهة السياسية الكروية على طرفي الصراع المدريدي البرشلوني .. حيث بيكي المتعصب لكتالونيا هو المحبوب هناك وحيث لويس فيغو الذي خان العهد من وجهة نظر جماهير البرسا هو يهوذا المطلوبة رأسه في إقليم البلاوغرانا.
على كلٍ، فإننا هنا لا يهمنا فعلياً سوى أننا نشاهد صراعاً كروياً ممتعاً لا يمكن إلا أن نخرج وقد شعرنا بأننا نشاهد كرة قدم رائعة تفسر لماذا هي المباراة الأكبر.