في حلقة الثلاثاء الماضي السابع عشر من نوفمبر من برنامج «حديث البحرين» الذي تبثه فضائية «العالم» الإيرانية على الهواء مباشرة والمخصص للإساءة إلى البحرين، قيادة وحكومة وشعباً، قال أحد الضيوف من جمعية الوفاق لمقدمة البرنامج جيهان عبدالنبي وهو يصف بعض الأمور من وجهة نظره إن هناك فيديو يتضمن كذا وكذا لو رأيته، فردت عليه على الفور وهي تبتسم «نحن على اطلاع على كل شاردة وواردة فيما يخص البحرين»! فمن «نحن» التي تقصدها جيهان؟ بالتأكيد لا تعني نفسها وإلا لقالت «أنا كمقدمة برنامج عن البحرين على اطلاع وأتابع كل شيء»، فالإيرانيون يخاطبون الآخر بـ»أنتم» إعلاء لشأنه ولكنهم لا يستخدمون «نحن» عند الحديث عن أنفسهم، وحتى لو كانت تعني بها الفضائية التي تعمل لحسابها فهذا يعني أنها تقصد إيران حيث الفضائية تمثل إيران وتعبر عنها وهي ليست إلا أداة في يد الحكومة الإيرانية.
الزبدة أن جيهان وفرت معلومة مهمة هي أن إيران «تتابع وتطلع على كل شاردة وواردة فيما يخص البحرين»، وأن هذه الفضائية السوسة هي أحد أهم أدواتها التي من خلالها تتمكن من معرفة «كل شاردة وواردة» وبمساعدة «بحرينيين» تطوعوا لتوفير كل ما تحتاجه إيران من معلومات عن البحرين بالمجان وعلى الهواء مباشرة.
في كل الأحوال النتيجة هي أن إيران تتابع بدقة كل ما يحدث في البحرين وكل ما يقال من أي طرف وما يكتب وتبذل جهدها كي تستفيد منه في تنفيذ خططها الرامية إلى ما لم يعد سراً وصار يعرفه القاصي والداني، ولعل هذا البرنامج صار يمارس دور السفارة الإيرانية الذي تعطل بطرد القائم بالأعمال والذي كانت مهمته الأساسية جمع ما يستطيع من معلومات عن البحرين كي تستفيد منها بلاده في وضع الخطط المناسبة لبلوغ مرادها.
إذاً البحرين مرصودة بدقة من قبل إيران، تتابع عبر هذا البرنامج بصفة خاصة كل «شاردة وواردة» فيها وتحلل كل معلومة وتوظفها لخدمة أغراضها وخططها، بينما من يعتبرون أنفسهم «معارضة» يتصرفون وكأن الأمر لا يعنيهم فيشاركون في هذا البرنامج ويوفرون كل ما تحتاجه إيران من معلومات وكلام بل لا يترددون عن توجيه أقذع الشتائم لـ»وطنهم وأهلهم».
أما جيهان فحماسها الزائد للبرنامج ولـ»القضية» جعلها تزيح الآخرين الذين كانوا يتقاسمون معها تقديم البرنامج ويتناوبون عليه فانفردت به واعتبرته برنامجها، ومن يتابع طريقة تقديمها له يعتقد أنها هي صاحبة القضية وأنها «بحرينية» حالها حال «ضيوفها» بل أكثر منهم «وطنية»!
وأما البحرين فلا «تتابع كل شاردة وواردة» عن إيران، ذلك أن كل ما تريده منها هو أن تدعها في شأنها وتكف أذاها عنها ولا تتدخل في شؤونها وتحترمها كي تبادلها الاحترام ويستفيد الطرفان من الجوار، وإلا فإن عمل برنامج «سوسي» كهذا الذي خصصته إيران للإساءة إلى البحرين ليس صعباً، خصوصاً وأن البحرين تمتلك قدرات إعلامية وكل ما يتطلبه مثل هذا البرنامج كي ينجح، كما أن الملايين من الإيرانيين المبتلين بحكم الملالي والرافضين له يمكن أن يكونوا ضيوفاً دائمين عليه ويفضحوا إيران ويتابعوا كل «شاردة وواردة» لما يحدث فيها من ظلم وأخطاء وتجاوزات وفساد يندى له الجبين وتضيق به الكتب لو تطوع أحد لتدوينها.
اللوم الأكبر ليس على هذه الفضائية السوسة وليس على جيهان فكلتاهما تعملان ضمن مخطط واضح وترميان إلى تحقيق هدف تعلمانه جيداً، ولكنه على أولئك الذين يشاركون في هذا البرنامج من «البحرينيين» سواء أولئك الذين اختاروا البقاء في الخارج أو الذين يعتبرون أنفسهم أبطالاً فيشاركون من الداخل وينقادون بسهولة لما يريدونه منهم ويسبون ويلعنون ويسيئون لوطنهم وأهلهم ويصفقون مع هذه الفضائية السوسة وجيهانها.