البحرين تقف في جانب وأمريكا تقف على الجانب الآخر في تفسير وفهم «ملف» حقوق الإنسان، فالفهم التبس علينا والتفسيرات متعددة، ونرجو أن نصل إلى أرضية مشتركة بيننا خدمة للإنسانية أينما وجدت هنا أو في الولايات المتحدة الأمريكية، فالإنسان.. إنسان في النهاية حمل جوازاً أمريكياً أو بحرينياً.
دعك من قصة الصحافي الذي خصص ثلاثة أسئلة عن البحرين في مؤتمر صحافي للخارجية الأمريكية في ظرف العالم كله مشغول بملف الإرهاب والملف السوري والتقارير الأممية الخاصة بالإعدامات في إيران وووو، وجد أحد الصحافيين أن البحرين التي بالكاد ترى على الخارطة تستحق ثلاثة أسئلة تأخذ من وقت المؤتمر!!!!!!!!!!!
لننسَ المؤتمر والردود التي بدا فيها المتحدث الرسمي وكأنه «مضطر» بسبب الضغط الإعلامي إلى «الإقرار» بأن هناك «بعض» الانتهاكات لحقوق الإنسان في البحرين، ولننسَ صحيفة الوفاق التي تشاركها العزف على ذات النوتة وتبرز ما تريد وتخفي ما لا تريد في انتقائية واضحة تخدم مشروعها السياسي.
لنحاول أن نجد «نحن والأمريكان» أرضية مشتركة نقف عليها في هذا الملف، لنتفق أن ما أجازته الولايات المتحدة الأمريكية وما أجازته فرنسا مؤخراً وقبلها بريطانيا وجميع الدول الأوروبية لنفسها ويخص أمن الدولة وسلامة مواطنيها أجازته البحرين لنفسها كذلك، سواء كنا نتحدث عن إجراءات أمنية مشددة وتدابير ورخص منحت لرجال الأمن أو كانت أحكاماً قضائية تصل إلى السجن المؤبد أو إسقاط الجنسية، فلا يحق لأي كان أن يجادل البحرين في حق منحه لنفسه، نقطة ومن أول السطر، ولو قدر للمؤتمر الصحافي القادم أن يتنطع صحافي جديد لا يعرف موقع البحرين على خارطة العالم أن يزيد عدد الأسئلة الثلاثة ويصل بها إلى عشرة أسئلة عن البحرين فإننا كمواطنين سنظل نطالب أن يبقى موقف مملكة البحرين ثابتاً لا يتغير، فأمن المواطن الأمريكي لا يزيد أهمية عن أمن المواطن البحريني، والإنسان البحريني المهدد من قبل الجماعات الإرهابية لا يقل أهمية عن الإنسان الأمريكي، ومثلما يطالب المواطن الأمريكي من حكومته أن تشدد إجراءاتها وتوقع أشد العقوبات على من يرتكب العمل الإرهابي ومن يحرض عليه ومن يمجده فإن المواطن البحريني يطالب حكومته أن تمارس سلطاتها وصلاحيتها المرخصة قانونياً في حفظ أمنه وسلامته والقبض على الإرهابيين ومحاكمة كل من له يد في الإرهاب الذي وقع والذي كان سيقع في البحرين، وألا تخضع حكومتنا ولا تستهين بأمن المواطن البحريني نتيجة عملية ابتزاز واضحة وضوح الشمس.
هذه المبادئ الحقوقية يجب أن تكون أرضية مشتركة بيننا كمواطنين بحرينيين وبين المواطنين الأمريكيين ومعنا كل مواطني العالم، فتلك الإجراءات وتلك الأحكام أقرتها سلطات كل الدول الديمقراطية ومثلها سلطات مملكة البحرين، لأنها وضعت لحفظ أمن المواطن البحريني وسلامته المهددة، ولن نقبل أن تتنازل عنها مملكة البحرين من أجل أن تخفض عدد الأسئلة في المؤتمر الصحافي القادم من ثلاثة أسئلة إلى سؤالين!!
الأرضية المشتركة الثانية التي نقف عليها مع المواطن الأمريكي هي أن شعب البحرين لا يقبل أية انتهاكات لحقوق وضمانات المتهمين إلى أن يحاكموا وتصدر الأحكام بشأنهم وكما لا يقبل أية انتهاكات لحقوق السجناء في محابسهم ويقف مع الإجراءات التي تصون هذه الحقوق وتحفظها ومع تفعيل الأنظمة والقوانين التي تصونها وتحاسب من ينتهكها، فمملكة البحرين دولة للمؤسسات والقانون، ولن تثنينا عن التمسك بهذه المبادئ حقيقة كون من يذكرنا بها يحتاج قبلنا إلى التذكير بها، لأنه انتهك هو في دولته حقوق المتهمين والمحكومين أبشع صور الانتهاكات، وسجله الحافل بتلك الانتهاكات بدا من «أبوغريب» و»غوانتنامو» وصولاً إلى ما يجري في مراكز الشرطة والسجون في داخل الولايات المتحدة الأمريكية وهو سجل مخز وعار عليها، ورغم ذلك فإننا نحث حكومتنا دوماً على تطوير وتحسين إجراءاتها والكشف عن أية انتهاكات ومحاسبة من يقوم بها، رغم أنها لا تصل إلى جزء يسير من الانتهاكات التي تجري تحت سمع وبصر السلطات في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أننا متمسكون بالمبادئ العدلية والسعي نحو الوصول لها انطلاقاً من ديننا ومن أعرافنا ومن ثم انطلاقاً من العهود والمواثيق الدولية، تماماً كما تفعل أي سلطة إعلامية أو رقابية في الولايات المتحدة الأمريكية، ويعنينا تطوير ملف حقوق الإنسان في كلا الدولتين.
ولهذا أتمنى على زملائنا الصحافيين في مملكة البحرين في المؤتمر الأسبوعي الذي يعقد في دار الحكومة أن يتوجه أحدهم بثلاثة أسئلة للمتحدث الرسمي لحكومة البحرين عن ملف حقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة في الولايات التي حدثت بها العديد من الانتهاكات للسود الأمريكيين مؤخراً ويبحث إذا كان وزير الخارجية البحريني قد حث نظيره الأمريكي على تحسين معاملة مواطنيهم وعدم التمييز بينهم، فملف حقوق الإنسان هو ملف عالمي إنساني لجميع البشر والجميع معني به!!