مع كل الاحترام للإخوة النواب، عليهم اليوم أن يكونوا أكثر تقبلاً للنقد من طرف الجمهور الذي ينتمون إليه وكذلك بقية الإعلاميين الذين ينتمون إليهم كذلك، فلا أحد فوق النقد، فحين نعمل وحين نكتب وحين نشارك في مشاريع الوطن، فإننا سنكون أكثر عرضة للخطأ من غيرنا، وحين نخطئ، يجب على الآخرين تصحيح مساراتنا الخاطئة، وهذا لا يكون إلا عبر آلية واضحة تسمى «النقد».
في نفس الوقت، نتمنى ألا يتحول النقد، سواء للنواب أو لكل طرف يشارك في العملية السياسية إلى حالة من السخرية الشخصية، كما نرفض بطبيعة الحال أن يكون الشتم والسباب جزءاً من النقد، لأن اللغة الرخيصة لا يمكنها أن توصل رسالة واضحة إلى الطرف المقصر أو المخطئ، ناهيك عن كونها وسيلة رخيصة من وسائل المفلسين.
في ظل الظروف الراهنة والصعبة التي يمر بها الوطن العزيز، بل كل دول المنطقة، سواء على الصعيد السياسي أو الأمني أو الاقتصادي، يكون لزاماً على الإخوة النواب أن يكونوا أكثر دقة باختيار مشاريعهم وأفكارهم التي يمكن أن يطرحوها كمقترحات أو قوانين داخل المجلس، إذ عليهم أن يتجنبوا في هذه المرحلة الحساسة طرح الآراء التي عادة ما تكون خارج سياق الوطن وبعيدة كل البعد عن همومه ومشاكله وتطلعاته، حتى لا يكونوا مادة دسمة للنقد والتجريح والسخرية.
أصبح من الضروري للنواب الكرام أن يرتبوا أولويات الوطن وليس أولوياتهم الفكرية أو الحزبية أو الدينية داخل المجلس، حسب ما يتطلبه الظرف الموضوعي والواقعي للأزمات الكبرى التي نعيشها، وليست التي تعيش في مخيلة وأفكار النائب، فهنالك فرق شاسع بين نائب يفكر في معالجة القضايا الاقتصادية أو الأمنية التي يتعرض لها الوطن، وبين نائب يفكر في منع الوشم أو محاربة الصحف المحلية لنشرها صور فتيات في إعلاناتها، وبين النائب الأول والنائب الثاني، يخسر الوطن الكثير من المشاريع التي من شأنها أن تنهض به، بدل أن يدخل هو والشعب في متاهات المقترحات البعيدة عن روح المسؤولية.
فليعذرنا بعض الإخوة النواب حين نقول لهم إنهم بعيدون جداً عن همس الشارع وملامسة همومه وتطلعاته، ليس الشعب فقط، بل حتى الحكومة، فإن همومها أكبر بكثير من وشمٍ أو صورة لفتاة أو غير ذلك من قضايا تافهة لا تمثل أي همٍّ لأحد، سوى كونها فكرة مهمة «وهمية» تعيش في عقول بعضهم.
مجلس النواب، هو المجلس الذي تأسس ليناقش ويعالج قضايا وهموم الشارع البحريني، وهو ليس المسجد الذي تطرح فيه المواعظ والخطب الدينية أو الأفكار الشخصية والحزبية، فالوشم إضافة لكونه قضية شخصية، فإن معالجته تتم داخل القاعات المعنية بمناقشة قضايا المراهقة ومشاكل المجتمع، أما المجلس التشريعي فإن له وظائف أكثر أهمية من هذه الترهات، فهل سيصحح بعض النواب من أطروحاتهم داخل المجلس لتنسجم والهم الوطني العام؟ أم سيصرون على نقل بعض الظواهر الاجتماعية العابرة لمناقشتها تحت قبة المجلس بصورة تبعث على الشفقة والسخرية معاً؟ القليل من الحكمة أيها النواب، وليتسع صدر بعضكم لملاحظاتنا التي تصب في خانة النقد البناء لصالح البحرين، فالكثير منكم يسيرون في الاتجاه «الغلط».