حين ضرب الإرهاب العمق الأوروبي داخل المدن الأوروبية وأهمها كباريس، اكتشفت أوروبا أن القبة الصاروخية وحلف الناتو أسلحة غير فعالة لحمايتها من وصول الإرهاب لعمقها، وأن الخطر الذي لم تحسب أوروبا له حساباً هو تفخيخ عقول أبنائها المولودين على أرضها والمتنعمين بخيراتها وتجنيدهم، اكتشفت أوروبا أن «السلاح» الذي هاجمها فيه الإرهاب لم يكن سلاحاً تقليدياً أو نووياً أو حتى كيماوياً، بل هو إنشاء طابور خامس داخلها، هذا هو سلاح الإرهابيين الجدد، فجميع من شارك في هجمات باريس من تخطيط وإعداد كانوا من مواليد أوروبا ولم يكونوا من المهاجرين الجدد.
الحرب التقليدية على الإرهاب حرب يسوق لها أصحاب المصالح الخاصة الحريصون على بيع أسلحتهم التي لا تفيد ولا تنفع في ردع هذا الخطر.
وكلما أبدت دول الخليج مخاوفها من الخطر الإيراني وعن طموحات إيران التوسعية قالت لنا الولايات المتحدة الأمريكية سنبيعكم كاسحات ألغام ونبيعكم قبة صاروخية ونبيعكم منظومة دفاعية، وكلها لا علاقة لها بمنع تجنيد أبناء البحرين أو أبناء اليمن أو أبناء السعودية، ولا تنفع بردع إرهاب إيران الذي يعتمد اعتماداً كلياً على طابورها الخامس.
إيران لن تطلق صواريخ على البحرين حتى نحتاج قبة للصواريخ من أجل حمايتنا من إرهابها، تماماً كما لم تطلق داعش صواريخها تجاه باريس بل فخخت داعش أبناء وقد كان كافياً لقتل أكثر من مائة فرنسي في اليوم الواحد وتحويل المدن الأوروبية إلى ثكنة عسكرية!!
وكأن «أوروبا» اكتشف فجأة أن الحرب على الإرهاب لها طرق أخرى وأسلحة أخرى، رغم أننا في عالمنا العربي قد بح صوتنا ونحن ننبههم إلى هذه الحقيقة، وكلما حدثناهم عن طابور خامس وإرهاب غير تقليدي قالوا لنا ملف حقوق الإنسان لا يمس الحريات لا تمس، وها هم قد بدؤوا بتقييد الحريات ومراجعة منظومة الحقوق الفردية مقابل الأمن الجماعي، هذه المعادلة التي لم نجد نحن بداً منها حين ضرب الإرهاب أرضنا وبيوتنا ورجال أمننا.
الآن أوروبا تتجه لتقييد بل وغلق دور العبادة والخطب الدينية وتغلق المواقع الإلكترونية وتمنع التظاهر وتسقط الجنسيات وتبعد عن البلاد ووو كلها إجراءات اضطررنا لاتخاذها قبلهم، نعرف أنها تحد وتقيد الحقوق الفردية، لكنها إجراءات حتمية وضرورية للحفاظ على الأمن الجماعي.
تفخيخ عقول أبناء البحرين هو سلاح إيران ونجحت إيران بتجنيد قطيع من الغنم هربوا المتفجرات إلى داخل الدولة وخزنوها وقتلوا بها رجال الأمن وأنشؤوا مصانع لها تحت الأرض وورشاً، تماماً مثلما فعلت داعش مع قطيع من الغنم من مواليد أوروبا، إننا نحارب إيران في عقر دارنا الآن، كما تحارب أوروبا داعش في عقر دارها الآن ولا نحتاج كما لا تحتاج أوروبا لقبة الصواريخ وكاسحات الألغام لردعها، بل نحتاج إلى تعاوننا معاً نحن وأوروبا ومعنا الولايات المتحدة الأمريكية في محاربة الإرهابيين الجدد.
كما نطالب حكومتنا الموقرة ومعها حكومات دول مجلس التعاون أن تضع مبدأ التعاون معنا لمكافحة الإرهاب الذي نتعرض له مقابل التعاون معهم لمكافحة الإرهاب الذي يتعرضون له، نحتاج أن نلمس جدية هذا التعاون تترجم إلى إجراءات عملية لا بتصريحات فارغة أو بتجاهل.
خروج إيران من المنطقة ورفع يدها عن الشؤون الداخلية في الدول العربية شرط أساسي من شروط الحرب على الإرهاب، عاجلاً أم آجلاً ستقتنع بها أوروبا وأمريكا، تلك هي المعادلة الوحيدة التي ستحول جهد الحرب على الإرهاب بيننا كدول خليجية وبين أوروبا وأمريكا إلى جبهة واحدة مشتركة بين الحكومات العربية ضد داعش ومثيلاتها.
إن تغاضي الغرب عن الإرهاب الإيراني عامل مهم في ضعف التعاون العربي أو الخليجي، كما أنه يعزز الشكوك في جدية هذا الغرب في محاربة داعش ومثيلاتها.