القول إن «المعارضة» بعد كل هذا الذي جرى في السنوات الخمس الأخيرة من عمر البحرين لا تستطيع فعل شيء للناس ليس ادعاء ولا مبالغة ولا تجنياً، ولكنه للأسف حقيقة واقعة، لأنها لم تعد قادرة على فعل شيء لنفسها، فكيف للناس الذين رفعت راية الدفاع عنهم؟ هذه حقيقة ينبغي أن تواجهها هذه «المعارضة» بشجاعة وتبحث فيها جيداً وتدرسها وتعترف بها خصوصاً وأنها ترى أن كل ما صارت تفعله الآن هو إصدار البيانات ورصد ما تعتبره انتهاكات وتجاوزات وبث التصريحات فاقدة القيمة يومياً إلى حد أن العالم كله مل منها.
المقصود بـ»المعارضة» هنا هي الجمعيات السياسية التي تعمل تحت مظلة القانون وفوق الأرض، أما تلك المتمثلة في ما يسمى بـ»ائتلاف شباب فبراير»، وتلك التي ربما تعمل تحت الأرض في الخارج، وكلاهما دخيل على العمل السياسي، فلا يمكن أن تصل إلى شيء بممارساتها المتمثلة في اختطاف الشوارع وإشعال النيران في إطارات السيارات وتعطيل حياة الناس، لأن أسلوب المراهقين هذا لا يمكن أن يوصل إلى أي مفيد حتى لو استمر مائة عام، وتم دعمه من قبل مليون فضائية سوسية، ذلك أنه من غير الممكن أبداً أن تواجه بهذا الأسلوب دولة تمتلك جيشاً وشرطة وحرساً وطنياً وشعباً موالياً لقيادته، ويرفض التدخل الأجنبي في شؤونه الداخلية ويعرف بحسه وخبرته وعلمه بما يدور في المنطقة وما ترمي إليه الدول والمؤسسات الداعمة لتلك الفئة، كما لا يمكن بهذا الأسلوب مواجهة دولة تحظى باحترام دول العالم وثقتها ومؤيدة من قبل كل دول الخليج العربي التي هي جزء منها وتتكامل معها.
«المعارضة» التي لاتزال بعد كل هذه السنوات دون معرفة ما إذا كانت تريد الإصلاح أو إسقاط النظام لا يمكن أن تصل إلى ما ينفع الناس، و»المعارضة» التي تختلف على أسلوب العمل والتحرك في الميدان لا يمكن أن يثق فيها الناس الذين ترفع شعارات الدفاع عنهم، و»المعارضة» التي وصلت مرحلة الإكثار من إصدار البيانات و»التولول» و»التحلطم» وتكرار ما قالته كثيراً لا يمكن أن تقدم جديداً ينفعها وينفع القضية التي خرجت من أجلها، و»المعارضة» التي لا يستطيع رموزها أن يمنعوا مجموعة من الصبية من إنزال الحجر من أياديهم وإلزامها بالتوقف عن ممارسات المراهقين لا يمكن إلا أن ينتهي مفعولها.
«المعارضة» اليوم اسم من دون فعل، وفعل من دون تأثير، وسعي من دون ناتج، والنتيجة المنطقية لكل هذا هو سحب الناس الثقة منها والتوقف لمراجعة أنفسهم والسؤال عن أين هم سائرون وكيف سيصير حالهم وحال عيالهم بعد حين وبعد كل هذا الذي صارت فيه هذه «المعارضة» التي تضرروا منها ولم تنفعهم بل أدخلتهم في نفق ضيق مظلم لا يرون قطرة نور في نهايته.
واقعاً لم يبق في يد «المعارضة» العاملة تحت مظلة القانون سوى ورقتين، الأولى هي عقد مؤتمر خاص بها تراجع فيه أحوالها وما آلت إليه وتتفق على برنامج واقعي يعتمد مصلحة الناس ويوصلها إلى حيث تجد الطريق المفضي إلى باب الحكومة لتعمل معها جنباً إلى جنب في إنقاذ ما يمكن إنقاذه بسبب تلك الحركة الطائشة والقفزة المجنونة في الهواء، والثانية هي التوقف عن كل ممارسة خاطئة وإلزام أولئك المراهقين الذين اقتحموا عالم السياسة بالتوقف عن ممارساتهم غير الموصلة إلى مفيد.
ورغم أن التجربة تؤكد أن «المعارضة» يصعب عليها اتخاذ مثل هذا الخيار إلا أن عليها أن تعلم أن السير في طريق آخر من شأنه أن يزيد من تدهورها ومن الأضرار التي تسببت فيها.