من الأقوال المهمة لرئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة – وكل كلامه مهم – إن الإعلام الخليجي مطالب بإبراز منجزات دول الخليج العربي. وهذا يعني أن هذه الدول يتوفر لديها ما تبرزه لكنها لا تهتم بإبرازه، إما تواضعاً واعتبار ذلك من الأمور العادية أو بسبب مشكلة يعاني منها الإعلام الخليجي تحول بينه وبين النظر إلى أبعد من أنفه. مقابل هذا تهتم إيران مثلاً بإبراز الكثير مما لا يستحق أن يبرز كي تستفيد منه إعلامياً، وهي في كثير من الأحايين لا تكتفي بالتغطية على الأخبار بنفيها عبر أحد مسؤوليها رغم وضوحها وتوفر الشواهد عليها وإنما تتخذ الطريق الآخر للتعامل معها والمتمثل في إعطائها «الإذن الصمخة»، فالخبر عن محاولة النظام الإيراني اغتيال الناشط السياسي الكردي الإيراني جليل كاداني ثلاث مرات لم ترد عليه واعتبرته وكأنه لم يصدر أو أنه لا يستحق ذلك، وفي الحالتين كانت النتيجة اندثار الخبر وعدم التفات أحد إليه.
كل ما تنجزه إيران تهتم بإبرازه إعلامياً وكل ما تريد التغطية عليه وستره تبعد الإعلام عنه، فهي تسخر كل أدواتها الإعلامية لتحقيق ذلك، بينما تنشغل وسائل الإعلام في دول الخليج العربي بملء المساحات الزمنية بالأغاني والبرامج الهزيلة التي لا تخدم توجهات هذه الدول وكأن الأمر لا يعنيها. من يتابع البرامج التي تبثها الفضائيات الإيرانية وتلك التابعة لها والمحسوبة عليها يلاحظ أنها جميعها تصب نحو هدف واحد هو إبراز إنجازات الدولة الإيرانية بكل طريقة ممكنة والتغطية على كل ما قد يسيء إلى تلك الدولة حتى بإنكار ما يقال عنها والدخول في مساحة الزور والبهتان.
في دول الخليج العربي لسنا في حاجة إلى الدخول في تلك المساحة المؤثمة ولكن من غير المعقول أن يكون لدينا ما يمكن إبرازه والتفاخر به ولا نقوم بهذا العمل. من يسمع عن دول الخليج العربي في الخارج يعتقد أنها لاتزال تعيش في سنيها الأولى بل إن البعض يضع في مخيلته صوراً لم يعد لها مكان في هذه الدول بسبب تطورها وتحضرها، وعندما يأتي بنفسه يفاجأ بما يراه وبما يسمعه فيتساءل عن سبب غياب الإعلام عن كل ذلك.
ليس الحديث هنا عن المباني والشوارع والخدمات التي توفرها دول الخليج العربي لشعوبها والمقيمين فيها فقط، ولكنه يشمل كل شيء بما فيه المواقف السياسية والدعم اللامحدود لكل ما فيه خير للبشرية، فالإعلام الخليجي غائب عن كل هذه الأمور ولا يحاول أن يبرزها رغم أنها من صلب عمله. هذا الإعلام يهتم بنشر الأخبار عن لقاءات المسؤولين في هذه الدول والاجتماعات التي يعقدونها، لكنه لا يهتم أبداً بما تسفر عنه تلك اللقاءات ولا ما يقال في تلك الاجتماعات ولا يحاول أن يوظف ذلك عبر برامج تخدم توجهات هذه الدول. ولعلي أجزم بأن قول صاحب السمو عن الإعلام الخليجي والدور المنوط به في هذه المرحلة على وجه الخصوص لم يجد الاهتمام الكافي من الإعلام الخليجي بل حتى من الإعلام المحلي، رغم أهمية هذا القول وأهمية اتخاذه كتوصية. الإعلام قال حينها إن صاحب السمو قال «إن من المهم أن يتدخل الإعلام للتصدي للأخبار الكاذبة»، و«إن دول الخليج العربي نجحت في توفير الخدمات المعيشية لشعوبها»، و«إن الإعلام الخليجي مطالب بإبراز منجزات دول الخليج العربي»، الإعلام المحلي والخليجي قال كل ذلك ونشره في حينه لكنه سرعان ما نساه ولم يكلف نفسه بالتأمل فيه لتصحيح مساره، وكأنه اعتبر ما قاله سموه مدحاً لا انتقاداً.
هذا فارق مهم بين إعلام دول الخليج العربي والإعلام الفارسي ينبغي الانتباه له.