ما قاله مرشد الثورة في إيران علي خامنئي في الكلمة التي وجهها مؤخراً لـ «الآلاف من قوات التعبئة – الباسيج – في طهران» عن البحرين يستدعي الرد عليه بموقف جاد وصلب، فقول مثل هذا القول في حضور مثل هذا الحضور يعني أن هناك أمراً يتم ترتيبه يمكن أن يعرض البحرين للخطر، أو بالأحرى يعرضها لمزيد من الأخطار.
خامنئي قال للباسيج إن «الأقلية الظالمة في البحرين تقدم على إهانة مقدسات الأكثرية»، وهو يقصد تحديدا ًما اعتبره البعض هنا حملة ضد الشعائر الدينية في عاشوراء وأصدرت جمعية «الوفاق» عنه تقريراً أرادت منه القول إنه «لا توجد حريات دينية في البحرين». أما استخدامه لمصطلح الأقلية الذي يقابله مصطلح الأكثرية فالهدف منه واضح ويتماشى ما عبارة «الشعب الأصلي» التي يتم التركيز عليها منذ فترة.
خامنئي قال في مجلسه ذاك «إنهم» أي الحكم البحريني «يتعرضون لمن يعتلي المنابر، يقرأ المجالس ويعلق رايات العزاء ويلعن يزيد. ويكفي الأقلية الظالمة في البحرين عاراً أنهم يزيديون ويحامون عن يزيد». ما يؤكد أن إيران صارت تفتقر للحكمة وصارت تسعى لتوظيف كل عبارة يمكن أن تكون سبباً في شحن الإيرانيين ضد البحرين، وإلا ما علاقة يزيد بالأمر؟ وأي أقلية وأكثرية هذه التي يتحدث عنها؟
أما تساؤله «بماذا يطالب الشعب البحريني؟» وقوله «إنهم يطالبون بإعطاء أفراد الشعب الحق في التعبير عن الرأي» واستخدامه هذا السؤال الساخر «ألا تدعون الديمقراطية؟» فالأولى أن يوجهه لنفسه وللحكومة الإيرانية التي يسيطر على ألفها ويائها وكل ما بين هذين الحرفين من حروف كل لغات العالم، حيث الجميع يعلم أن إيران التي ترفع شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان لا تعطي أفراد شعبها الحق في التعبير عن آرائهم وتفرض عليهم أسلوب حياة محدد ومقيد لحرياتهم ولألسنتهم ولعقولهم، وحيث الجميع يعلم أن إيران هي التي تدعي الديمقراطية وهي من ينبغي توجيه مثل هذا السؤال - الذي وجهه إلى البحرين في حضور الباسيج الذين لا يملكون إلا أن ينفذوا ما يقوله لهم بالحرف ولا يحق لهم حتى التساؤل عن إلى أين هم سائرون - إليها.
خامنئي تساءل ساخراً فقال «هل يوجد أوضح من هذا الأمر؟» «يقصد ما قاله عن البحرين»، ونحن نتساءل ولكن من دون سخرية «هل يوجد أوضح من هذا الأمر في إيران؟».
لو أن خامنئي والحكومة الإيرانية التي نصبت نفسها مدافعاً عن شيعة العالم كلفوا أنفسهم بالسؤال عن حقيقة ما جرى في عاشوراء هذا العام في البحرين لوفروا على أنفسهم كل الحرج الذي يستتبع ما قاله خامنئي أمام قوات الباسيج التي حرص الحديث أمامهم في هذا الموضوع لغرض واضح. ما حصل هو أن خامنئي اعتمد في كلامه وموقفه على ما وصله من طرف واحد هو ذلك البعض الذي يعتبر نفسه في ثورة ومشمول بالرعاية الإيرانية ولم يكلف نفسه التأكد من صحة ما وصله، فكل ما وصله في هذا الخصوص لم يكن دقيقاً وحمل جزءاً من المعلومة وليس كلها.
من حق حكومة البحرين أن تتعامل مع أي موقف يتطلب التعامل معه حسب القانون، ومن حقها أن تمنع كل ممارسات خاطئة تصدر عن مواطنيها أو المقيمين وزائريها والسائحين، وتصحيح الأخطاء أمر تقوم به كل بلاد العالم وأولها إيران التي لا يجرؤ أحد من مواطنيها على ارتكاب أي مخالفة لأي قانون أو توجيه يصدر من الحكومة أو من خامنئي فهو يعرف أنه قد لا يرى الشمس من جديد، عدا أن تصحيح الأخطاء ومحاسبة المخطئين والمتجاوزين هنا لا يقتصر على خطأ دون خطأ ولا على فئة دون فئة، فالبحرين دولة مؤسسات ودولة قانون.