ما حصل خلال الأسبوع الماضي بشأن الأمطار يفترض أن يكون بمثابة الدرس الذي نتعلم منه.
طبعاً هذه الجملة أعلاه، كررناها مراراً فيما سبق، ولا تركزوا على موضوع المطر وتداعياته هنا، فقط فكروا فيه كنموذج لعديد من المواضيع التي طرحت، وفيها كشفت أمور تعد من النقائص والسلبيات، وكنا دائماً نقول «هذه دروس يجب أن نتعلم منها».
المشكلة أن بعض المسؤولين يخرجون علينا بتصريحات بعد وقوع الواقعة، ويقولون كلاماً بنفس الفحوى، أي أننا «سنتعلم من الدرس» أو «تعلمنا من الدرس» بصيغة التحقق، وهو ما نفسره نحن معشر المواطنين والمراقبين، بأن هناك إجراءات ستتخذ لا محالة، وأنه مع الحماس الواضح في التصريحات المنشورة أو المعلنة، هذه المشكلة لن تتكرر بالتأكيد.
لكن يأتيك الواقع ليصدمك مرة أخرى، إذ نرى نفس المشكلة تتكرر، ونفس الأضرار تقع، ولربما بنسبة أقل، حتى لا نظلم الجهود، لكن الشاهد في الموضوع أن نفس الحالة تحصل والأخطاء المرتبطة بها تعاود الظهور.
لست أتحدث عن مشكلة الأمطار هنا فقط، بل هي بمثابة مثال قريب الحدوث وتأثر بتداعياته الناس وتفاعلوا معه بقوة كونه يمسهم بشكل مباشر، لكن على نفس القياس يمكن أن نصنف كثيراً من المشكلات.
هل أحد منكم يعتبر صدور تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية مشكلة؟!
قد يصنف التقرير كذلك، نظراً لما يحويه من رصد للمخالفات، وبسبب أن كثيراً منها يتكرر، وأن كثيراً منها لا تتم معالجته وتصحيح مساراته وإنهاء أسباب حدوثه، وعليه فإننا هنا «لا نتعلم من أخطائنا» بالتأكيد.
حتى على مستوى مجلس النواب، تتعاقب الفصول التشريعية، والناس بين متردد في المشاركة وبين فاقد للأمل بأن هناك عناصر جديدة ستدخل وتقدم أفضل ممن سبقها. لماذا هذا الشعور يتولد؟! الإجابة تكمن بأن كثيراً من الداخلين الجدد للبرلمان لم يتعلموا من أخطاء سابقيهم، وأخذوا يكررون نفس النسق.
حتى الملف الاقتصادي والعجز المالي والدين العام، رغم ما يعلن عن إجراءات تتخذ أو ستتخذ لمعالجة المسألة، إلا أن السيناريو يتكرر من ناحية استنساخ التصريحات السابقة التي تقول إننا أمام «مشكلة»، يقابلها إجراء مستنسخ كل عام يقول بأنه لابد لنا من الاقتراض، وهذا العام زيدت عليه جملة مقلقة تقول إننا «إن لم نفعل فلربما تتهدد رواتب المواطنين»!
الفكرة فيما نقول، هو أن جملة «تعلمنا من الأخطاء» بصيغة جازمة لا يجب أن تستخدم اليوم إلا بعد حل المشاكل وإعلان انتهائها بشكل تام. لا يجب أن تستخدم إلا بعد قياس رضا الناس بشأن الإجراءات المتخذة. لا يجب أن تطلق والمشكلة المعنية مازالت مستمرة والناس متضررة منها أو البلد بأكلمه. وإن أطلقت والوضع على ما هو عليه، فإن المصداقية هي المتضرر الأول بالنسبة للمسؤولية، وفي مجتمع كالمجتمع البحريني الذي تحول للتعاطي مع مشكلاته بأسلوب ساخر لكنه مشحون بالألم، فلن تخرج ردة فعل الناس عن مهاجمة المسؤولين في مواقع التواصل وممارسة النقد الساخر حتى.
حينما نقول أننا «تعلمنا من أخطائنا»، حينها نكون، يفترض، أننا وصلنا بالفعل لأرقى مستوى من مستويات معالجة المشكلات، ونكون بالفعل قضينا على الخلل وأبدلنا محله ممارسات إيجابية تفضي لنتائج وأهداف تحقق الرضا العام وتخدم البلد.
حينها تكون الجملة «تعلمنا من أخطائنا» مدعاة للفخر لنا كدولة بممارساتها العلاجية، ولا تكون «حجة» علينا بأننا نجزم بحل المشكلة المعنية وهي مازالت قائمة أصلاً، بل ربما تكون قد تضخمت وتعاظمت تداعياتها.