افتتحت معالي الشّيخة ميّ بنت محمّد آل خليفة رئيسة مجلس أمناء مركز الشّيخ إبراهيم ,اليوم الخميس, بيت عائلة الحاج محمّد سلمان خلف (حجي أحمد) بحضور العديد من الوزراء والسّفراء والشّخصيّات الدّبلوماسيّة، إلى جانب العديد من أفراد عائلة خلف وعائلات الحيّ، ومجموعة من الخبراء والمهندسين والمهتمّين بالتّراث والثّقافة.
ويمثّل هذا البيت ذاكرة تاريخيّة لمنطقة المنامة كونه بيتًا تراثيًّا لأحد كبار تجّار اللّؤلؤ في حقبة العشرينيّات من القرن الماضي. وبمناسبة الافتتاح، صرّحت معالي الشّيخة ميّ بنت محمّد آل خليفة قائلةً: (ذاكرة اللّؤلؤ هويّة أوطاننا، هذه الأصالة تجسّدت بعمق في مدننا ومختلف مناطقنا، ونحن اليوم نستثمرها من أجل إيجاد الحكايا ونبش التّاريخ)، مؤكّدةً أنّ بيت خلف هو القصّة اللّاحقة لبيت الشّعر، حيث تتواصل سلسلة مشاريع مركز الشّيخ إبراهيم بن محمّد آل خليفة للثّقافة والبحوث إلى العاصمة المنامة، وبيّنت: (هذا البيت الآن كونه تحفة معماريّة وبيتًا تاريخيًّا فريدًا بتركيبته وحتّى ذاكرته بالنّسبة للنّاس والأهالي سيصير شاهدًا على تلك الذّاكرة ومفصحًا عن أسرارها وتفاصيلها).
وتوجّهت معاليها بالشّكر لعائلة الحاج محمّد سلمان خلف الذين كرّسوا هذا المنزل التّاريخيّ كدليل أثريّ يوثّق بدايات القرن الماضي، مشيرةً: (جميلٌ أن نستشعر الجمال والكرم في أهالي المنامة، والتفات عائلة خلف حول الثّقافة من أجل توثيق ذاكرة خاصّة بالمنامة يمنحنا مؤشّرات لتمسّك النّاس بمكتسباتهم التّاريخيّة وحرصهم على التّراث كإرث جماعيّ وشعبيّ يمكن مشاركته).
ووجّهت معاليها الشّكر أيضًا لبنك الخليج الدّوليّ الذي دعم هذا المشروع، قائلةً: (القطاع الخاصّ يضيف الثّقافة لإنجازاته، ومساندتهم دليلٌ على أهميّة تكامل الأدوار من أجل تحقيق مشاريعنا).
وبحسب التّصميم الجديد وإعادة ترميم المنزل، يتضمّن بيت خلف العديد من المرافق التّوثيقيّة، أهمّها: ذاكرة المنامة (1) التي توثّق سيرة عائلة خلف تحديدًا من خلال مجموعة من المقتنيات والمعروضات، وتشمل جواز سفر ربّ المنزل، طابعًا بريديًّا بحرينيًّا يحمل صورة البيت، صورًا للعائلة ومفتاح البيت. بالإضافة إلى ذاكرة المنامة (2)، وهي تختصّ بتوثيق ملامح وشخصيّات من منطقة المنامة عبر كتابٍ توثيقيّ ومجموعة من الصّور الفوتوغرافيّة. كما توجد هنالك غرفة للضّيوف بطرازٍ معماريّ حديث وبسيط يستلهم فكرته من اللّؤلؤ، إلى جانب غرفة عرضٍ خاصّة لأدواتِ ومقتنيات تجّار اللّؤلؤ، والتي تتّخذ دور متحفٍ مصغّر في بيت خلف بقلب المنامة.
وقد تتبّع الفريق الهندسيّ والمعماريّ معايير التّرميم العالميّة والدّقيقة من أجل إعادة ترميم المنزل وتهيئته بأدوار وظيفيّة حديثة لعرض مقتنيات العائلة ومأثوراتها، بالإضافة إلى توثيق أدوات وحياة تجّار اللّؤلؤ.
وقد اشارت المهندسة المعماريّة جنان حبيب الى أنّ البيت التّراثيّ كان بيئة جميلة وخصبة لاكتشاف العديد من العناصر المعماريّة والملامح المكانيّة التي تشكّلت على مدى عمر هذا البيت، مؤكّدةً سعي المقاولين القائمين على هذا المشروع إلى استرجاع الصّورة الأصليّة للبيت.
وأوضحت ان (بداية هذا التّصميم التّاريخيّ تعود إلى العام 1921م، غير أنّ فترة العمل حملت العديد من المفاجآت والاكتشافات الصّغيرة، والتي تشير إلى مراحل مختلفة من إنشاء المنزل، فمثلاً اتّسم المنزل بوجود المشربيّات الخشبيّة القديمة التي صمّمها حسن العراقيّ في العام 1930م، فيما بعض الأبواب بزخرفيّاتها فتعود للعام 1926م).
وأشارت في حديثها إلى وجود العديد من الإضافات الدّخيلة واللّاحقة التي حاول القائمون على المشروع تداركها من أجل استبقاء الذّاكرة الحقيقيّة لهذا البيت موجّهةً شكرها إلى شركة إيوان البحرين للمقاولات.ويجسّد البيت ذاكرة للمنامة بحكم موقعه وسط المنامة، حيث المركز التّاريخيّ والاجتماعيّ للمنطقة، إلى جانب سمعته وصداه، إذ اشتهر بيت خلف بتسمية (البيت العود)، وقد كان تصميمه مختلفًا وفريدًا بالنّسبة لأهالي المنطقة، كونه دقيقًا وذا جماليّات مكثّفة.
وحول ذلك أوضحت المهندسة جنان حبيب: (المشربيّات في منزل خلف تُعدّ الأجمل في البحرين، ومن أجل دقّة تصميمها وزخرفيّاتها انضمّ إلى فريق العمل طاقمٌ متخصّصٌ في التّرميم الدّقيق من أجل استعادة هيئتها الأولى جاء خصّيصاً من مصر يشرف عليه أخصّائي الترميم شادي فوزي، وبالفعل فوجئ أهالي المنطقة من الطّريقة التي عولجت بها تلك العناصر سواء المشربيّات أو غيرها، وأكّدوا لنا أنّ البيت صار يبدو تمامًا مثل تصميمه الأصليّ).
وخلال شرحها، أكّدت المهندسة أنّ المعالجات المعماريّة والتّرميميّة المختلفة لهذا البيت حاولت إلى جانب استعادتها للرّوح الأصليّة والمكوّنات الدّقيقة للمكان أن تضفي لمسات حداثيّة تستلهم روح وفضاء بيت خلف، مردفةً: (حتّى الإضاءة تمّ الاعتناء بها، ودُرِسَت على مراحل متعدّدة، فمن الضّروريّ بالنّسبة للمكان استيعاب مساحات الضّوء والظلّ وخلق مساحات التّباين لتشكيل الفضاء الدّاخليّ). وأشارت إلى أنّ الجماليّات الأخرى قد استلهمت عناصرها من تاريخ هذا البيت ومن طبيعة عمل صاحبه كطوّاش (تاجر اللّؤلؤ).