لا نريد أن نسجل نقاطاً فحسب حين نفتح ملف تذمر التجار وشكوى سوق العمل وسوق الاستثمار، بل الجميع يريد بلا استثناء أن نصل إلى حلول ومبادرات عملية وواقعية توفق بين شكوى القطاع الخاص والمستثمرين سواء كانوا محليين وأجانب من جهة، وبين جهود الحكومة مجتمعة من جهة أخرى، وليس وزارة التجارة فحسب.
فالحكومة بكافة وزاراتها معنية بزيادة موارد الدولة وتخفيض الدين العام وسد العجز، والحكومة معنية كذلك بتنشيط الاقتصاد، وتهيئة الأرضية له، وجميعنا يريد تحقيق هذه الأهداف والخروج من عنق الزجاجة ورفع التصنيف الائتماني للبحرين.
لذا نرجو أن يكف الوزراء عن اتخاذ وضعية الدفاع والتحسس من أي شكوى أو انتقاد والرد عليها من خلال الأرقام والإحصائيات لا من خلال حديث مرسل.
تماماً مثلما نريد من أصحاب الشكاوى من تجار وأصحاب رؤوس أموال ومستثمرين أن يتحدثوا هم أيضاً بأرقام تؤكد حقيقة شكواهم.
أما بخصوص تحفيز القطاع الخاص وجعله محركاً للاقتصاد، المسألة ليست تبادل اتهامات ولكننا نبحث سوياً عن مخرج.
أمس جاء في صحافتنا رأي للحجير في «أخبار الخليج» ولأحمد السلوم في صحيفة الوسط عبرا فيه عن معاناة أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة يردان به على تصريحات الوزراء بأنهم ذللوا العقبات.
وكذلك تحدث يوسف المشعل عن هروب رأس المال من البحرين في تغطية الوسط لمنتدى الخليج حول ذات الأسباب التي يشتكي منها أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة وهي «التعقيدات والبيروقراطية الحكومية» وعلى فكرة.. تلك كانت بعضاً من الآراء المتداولة في الأوساط البحرينية وليست كلها، فالحديث عن العقبات يطول، ولكن كان رد وزير التجارة دفاعياً فحسب دون تقديم ما يسند دفاعه «هذا على الأقل ما أوردته التغطية الصحافية».
تبادل وجهات النظر يحتاج إلى تنظيم وليس إلى كلام مرسل في الهواء وتبادل اتهامات دون أن نخرج بنتيجة.
الأخطر منه ما يدور حول عدم وجود رؤية شاملة للخروج من الأزمة، أو على الأقل عدم دراية الناس بهذه الرؤية التي ترسم خطاً واضحاً من ديسمبر 2015 إلى ديسمبر 2016 على أقل تقدير تخبرنا أين نحن الآن؟ وأين سنصبح السنة القادمة؟ وخطاً آخر يقول لنا أين سنصل عام 2020؟ نريد رقماً سنوياً وأرقاماً للسنوات الخمس القادمة، هذه أبسط قواعد الاقتصاد، هذه ألف باء الاقتصاد، حوار كهذا بين التجار والمستثمرين وبين الوزراء سيكون أكثر جدوى من هذه «المعايياه» التي لن تنتهي.
عقد اللقاءات العلنية بين الوزراء وبين أطراف العلاقة بإمكانه توضيح الكثير من اللبس وتذليل الكثير من العقبات، كما أنه يوضح حقيقة امتلاك الحكومة لرؤية واضحة من عدمها، هذه اللقاءات سترفع مؤشر التفاؤل ومؤشر السوق حتماً، فإن كانت هناك برامج وخطط موجودة كما يقول وزير التجارة فالجميع بانتظار سماعها وشرحها وإشراك الناس بها.
نحن أيضا نبحث مثل الحكومة عن الأمل وقصص النجاح وعن استثمار الفرص الواعدة في البحرين كجرعة تفاؤل، وهذا جيد.. ولكن التحديات الخطيرة التي تواجهها البحرين تحتاج لجرعات خطابية أكبر من استعراض هذه النماذج، التحديات تحتاج إلى ترجمة لخطاب المسؤولين عن البرامج والخطط الموجودة، وتحتاج إلى جهد إعلامي يظهر التحرك الملموس لتنفيذها، إنما في نهاية اليوم لا يقر بنجاحها وتحققها إلا أصحاب المعاملات لا الوزراء، وهؤلاء يجب أن تفتح لهم القنوات الإعلامية للحديث، ما الفائدة أن يتكلم الوزير ويقول فعلنا كذا ولدينا كذا ونقوم بعمل كذا وحين تسأل أصحاب الشأن تسمع ما يخالف هذا الرأي تماماً؟!
من جهة أخرى، كنا نتوقع من غرفة التجارة أن تنطق، أن تتحرك، أن تتكلم في هذه الظروف الاقتصادية الهامة وهذا المنعطف التاريخي المهم، لنسمع منهم رؤيتهم الخاصة في السياسة الاقتصادية العامة للدولة، في أوضاع البلد عموماً في ظل تراجع أسعار النفط، لولا زيارة سمو رئيس الوزراء لمركز المستثمرين ما سمعنا ولا رأينا أحداً منهم، لكننا لا نسمع لهم صوتاً إلا احتجاجاً على رفع رسوم الخدمات التي تقدمها الدولة وبعض منها شبه مجانية، حراك غرفة التجارة أيضاً بطيء جداً وأبطأ من تحرك الحكومة ولا يواكب مجريات الأحداث ومتغيراتها، والأدهى أنه يصحو وكأنه متفاجئ بالقرارات الحكومية.. اجتمعوا وتحاوروا علناً ودعونا نسمع ونشارككم هذا الجدل الصحي بدلاً من هذه «المعايياه» التي لا طائل منها.
وكما قلنا للحكومة نقول للتجار، لسنا في وارد «المعايياه» مع أي طرف، إنما خلاصة القول لابد من إدارة أكثر من حوار علني شامل يضم أطراف العلاقة حول أوضاعنا الاقتصادية فيه من المكاشفة الكثير والمصارحة الكثير يحضره مسؤولون لا يقلون عن وزراء، نحتاج إلى ورش كورش إصلاح سوق العمل التي جرت 2005، نعرف أين نحن مما رسمنا وخططنا وإلى أين نحن متجهون في ظل هذه المستجدات التي طرأت ولم تكن في الحسبان.