أولاً نحمد الله على سلامة صاحب السمو الملكي الأمير الوالد خليفة بن سلمان أطال الله في عمره.
وقد علمنا بالأمس درساً يجب استيعابه جيداً بترؤسه جلسة المجلس الوزاري فور خروجه من المستشفى، ليعلمنا أن البحرين أولاً والبحرين ثانياً والبحرين إلى آخر المطاف، إنه يعطي دروساً للسادة الوزراء بأن التقاعس الآن غير مسموح به أبداً.
إنه درس لأعضاء الحكومة ولبقية المواطنين، درس بليغ يعلمنا مدى حاجتنا إلى عطاء استثنائي في هذه المرحلة، يؤثر فيه عضو الحكومة، وطنه على نفسه وعلى صحته إن استدعى الأمر.
هذا الجهد من لدن سموه بحاجة لمن يعينه ويكمل عليه ويبني عليه، بحاجة إلى أن يترجم السادة الوزراء هذا الدرس في التفاني وتحويله إلى علاقة إيجابية صحية بينهم وبين المواطن البحريني حتى تكتمل هذه الصورة بدلاً من هذا الجفاء والثقة المفقودة وهوة التواصل الشاسعة والكبيرة بينهم وبين الناس.
بيان الجلسة بالأمس كان جيداً كان حافلاً بالأرقام وبالإحصائيات التي تحتاج الحكومة أن تروجها وتنشرها بل تتعامل بها في خطابها وتزيد من جرعته في البيانات الأسبوعية بدلاً من بعض التصريحات الاستفزازية والأجوبة الانفعالية التي يرد بها بعض الوزراء على أسئلة الصحافيين أو التجار أو المواطنين، فينسفون بها جهداً قد يكونون هم من أنجزه وعملوا فيه، وقد يكون ما أنجزته الحكومة ممتازاً، إنما بعض الوزراء الذين تنقصهم الخبرة في التعاطي الإعلامي ويجهلون انتقاء المصطلحات والألفاظ ويعتقدون أن مجرد كونهم وزراء يكفي ليصبح ما يقولون ذهباً، أو يكفي أن يكونوا وزراء كي يكون ما يردون به مفحماً ومقنعاً و«مسَكت»، ولا يدرون أن سكوتهم في هذه الحالة الانفعالية هو الذهب.
نشر النسب والأرقام في البيانات الرسمية سياسة إعلامية جيدة، لا بد أن ترسخ وتقوى ويليها من السادة الوزراء مزيد من التوضيح والاتكاء على الأرقام والنسب والصور والدلائل الواقعية فردم هوة الثقة يحتاج إلى جهد من كل الأطراف، ولابد أن يتبعه جهد صحافي وإعلامي يتابع هو الآخر هذه التصريحات ويبحث في ثناياها وينقلها ويشرحها للناس بشكل مبسط.
ليكن هناك جدل إعلامي مستمر ومتواصل وصريح ينفتح فيه الوزراء على الناس، لا يمكن أن تستعاد الثقة بين الحكومة والناس والوزراء مصرون أن يبقوا على الصامت وهم يجرون جراً للإعلام خاصة في هذا الوقت الحرج وأنت تطالب المواطنين بشد الحزام، حتى لو انتقدوا، لا بأس دعوا الناس تعبر وتتحدث وتستفسر وتسأل وتشكك إلى أن تثق، إنما في النهاية هذا الجدل يعني أن هناك عملاً، هناك جهد يبذل.
النزول للناس في هذه الفترة الحرجة سواء بالنزول المباشر في المكاتب الأمامية للمراجعين أو التحدث معهم عبر وسائل الإعلام ليس «تواضعاً» من شخصية الوزير، لا أحد يريد أن «يتغدى» مع سعادة الوزير، الناس شبعانة، أو يصور معهم، لم يعد الوزير «نجماً» سينمائياً، الناس تريد من يجيب عن أسئلتهم وينجز معاملاتهم العالقة ويعمل على تحسين أداء «السيستم الخراب».