من يتابع تعليقات وتصريحات وآراء البعض الذي يعتبر نفسه «معارضة» والتي يدليها يومياً للفضائيات «السوسة» وخصوصاً فضائية «العالم» الإيرانية، وينشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بسخاء، لاشك في أنه يدهش من مستواها، فميثاق الشرف الذي تم توقيعه قبل أيام من قبل رؤساء تحرير الصحف المحلية «هدفه التضييق على الصحف، أو بعضها»، ومناقشة مجلس الشورى لاقتراح قانون ضبط المنبر الديني هو «للتضييق على جمعية «الوفاق» ومنع أشخاص معينين من الخطابة أو من ممارسة العمل السياسي»، وولادة امرأة في السيارة قبل وصولها إلى المستشفى «سببه حجز الشارع لإنجاح فعالية رياضية»، وغير هذه من تعليقات وتصريحات وآراء يشكك أصحابها في كل شيء وينظرون إلى كل الأمور بسلبية ويعتقدون أن الحكومة ليست متفرغة إلا لهم.
ميثاق الشرف بنوده واضحة وتصريحات وزير الإعلام ورؤساء التحرير بشأنه واضحة وما نشرته الصحف كلها عنه كان واضحاً ويعبر عن ارتياح جميع رؤساء التحرير منه حيث رأوا أنه أمر طيب وخطوة جيدة في طريق الالتزام بأساسات مهمة في إدارة العمل الصحافي، وضبط المنبر الديني من شأنه أن يعود على المجتمع بالخير خصوصاً وأنه -لو أقر- سيمنع الخلط الحاصل حالياً والاستغلال السيئ للمنبر الديني من قبل المشتغلين بالسياسة والذين يوظفونه للتحريض، أما ولادة امرأة قبل وصولها إلى المستشفى فليست المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الأمر وليس بالضرورة أنه حدث بسبب حجز الشارع الذي ينظم السير فيه مرة في السنة، أي أن الأمر نفسه يمكن أن يحدث يومياً بسبب تأخر الخروج إلى المستشفى أو بسبب احتجاز الشوارع من قبل أولئك الذين استمرؤوا حرق إطارات السيارات فيها وفي كل الأوقات، بل إن أشخاصاً كثيرين تضرروا بسبب عدم تمكنهم من الوصول إلى المستشفيات لهذا السبب.
ما يرمي أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة» إلى توصيله ونشره بين الناس هو أن الخير لا يأتي من الحكومة وأن كل ما يحسبه الناس خيراً لابد أن يكون للحكومة فيه أو لمن هو محسوب عليها مصلحة فالدولة -كما يحرص هؤلاء على نشره- تعمل ضد مواطنيها، وهذا وحده كاف ليعرف العالم مستوى «المعارضة» الذي يتعامل معها أو يسمع منها، وهو أمر غريب على من يعتبر نفسه شاغلاً لهذه المساحة.
بالتأكيد لا يمكن أن يكون كل ما تقوم به الحكومة صحيحاً وإلا لانتفت الحاجة إلى مجلسي النواب والشورى، ولكن بالتأكيد أيضاً لا يمكن أن يكون كل ما تقوم به الحكومة خاطئاً أو معاباً، فطالما أنه توجد أشياء خطأ فإن الأكيد أنه يوجد مقابلها أشياء صح، وبالتالي فإن من يقول بغير هذا هو من يرتكب الخطأ، وهو الخطأ. أما بالنسبة لما قدمته وتقدمه الحكومة للوطن وللمواطنين فكثير ويصعب إحصاؤه وإلا لما نظر العالم إلى البحرين باحترام ولما حقق أهل البحرين أي إنجازات لهذا الوطن ولما تطوروا.
هناك منطق ينبغي ألا يبتعد عنه من يريد أن يشغل خانة «المعارضة» أو يدعي أنه يمثلها، وهناك حكمة ينبغي ألا تفارق من يعمل في السياسة، فليس منطقاً القول إن كل ما تقوم به الحكومة خطأ وكل ما تقدمه لا نفع منه، وليس من الحكمة أن تترك «المعارضة» لمن لا علاقة له التحدث باسمها وتمثيلها.
هؤلاء الذين يقولون بهذا اللامنطقي واللاواقعي والمتحامل على الحكومة وعلى كل من يخدم الوطن لا يمكن اعتبارهم «معارضة» لأن ما يقومون به ويقولونه يسيء إلى من ينضوي تحت هذا العنوان ويسيء إلى هذا العنوان حيث عمل «المعارضة» مكمل لعمل الحكومة وهي ليست بالضرورة ضدها ولا يمكن أن تنسف كل عمل تقوم به.