أقطاب الغرب تبرر لنفسها أي «لعب» تقوم به في شؤون الدول الأخرى، تبحث لها عن مسوغات لأي دعم تقدمه بغض النظر عن الشكل والنوع لأية تجمعات راديكالية أو أحزاب ثيوقراطية، حتى لو مارست تلك الجهات أفعالاً ترتقي للإجرام ولممارسات الإرهاب، لكن المهم أن يكون هذا بعيداً عن دول الغرب، لكن لو حصل شيء من هذا القبيل عندهم، هنا تقوم القيامة. الدول الكبرى ذات التأثير الدولي كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا لا تملك أي هامش مناورة مع أي «شبهة» لوجود إرهاب، أو ضلوع شخص فيه. لا تتناقش مع إرهابيين، بل لا تتحاور معهم. والبيت الأبيض يملك «براءة اختراع» جملة شهيرة يطلقها كل رئيس يسكنه، مفادها بأن «الولايات المتحدة لا تتفاوض مع إرهابيين». البحرين كانت طوال عقود مستهدفة من عناصر مطلوبة ومحكوم عليها في قضايا، اتخذت من بعض الدول الكبرى مقرات لها، طلبت منهم اللجوء، وادعت بأنهم مطلوبون ظلماً، وللأسف حظي بعضهم بإيواء تلك الدول وحتى منحهم الجنسيات.هؤلاء مارسوا أشنع أنواع التحريض ضد البحرين، استهدفوا الشخصيات البحرينية، ظهروا في وسائل إعلام تلك الدول يروجون للكذب ويفترون ويدعون، تعرف تلك الدول عبر أجهزة استخباراتهم كيف يكون ارتباط هؤلاء بإيران، وكيف أن الأخيرة تستهدف البحرين منذ عقود وستظل. في بريطانيا هناك من حاول التعرض لدبلوماسيين بحرينيين، تحلق بعضهم حول لوردات مشبوه في أمرهم، اكتشف بعدها وجود علاقة لهؤلاء اللوردات بإيران و«حزب الله»، وأنهم يمتلكون في قلوبهم حقداً على كل ما هو خليجي وعربي.
فعلت تلك الجماعات الأفاعيل، تسلق عناصر منها إلى سطح السفارة البحرينية في 2012 ولم تقم الأجهزة الأمنية البريطانية بدورها طوال 24 ساعة، وحينها تساءلنا ما إذا حصلت نفس الحادثة وقام فلسطيني بتسلق سطح السفارة الإسرائيلية في شارع «هاي ستريت كينزينجتون» هل سيقبلون بوجوده على السطح 24 ساعة؟!
استفحلت الأمور ووصلت للتعرض إلى بحرينيين في شوارع لندن، واستمرت تجمعاتهم أمام مواقع الفعاليات البحرينية المختلفة هنا، يضايقون المارة والمشاركين فيها، يخدعون الناس ويقدمون أنفسهم بشكل صريح وواضح على أنهم «غوغاء» وقطاع طرق.
كل هذه الأمور ولم تتخذ إجراءات بحقهم، بل رصد بسيط لحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي تكشف عن استهداف للبحرين ودعواتهم الصريحة لقتل أهلها المخلصين لأرضها الداعمين لنظامها الشرعي. كل هذا وتلك الدول الغربية بأجهزتها تغض الطرف.
لكن كما أسلفنا، حينما يمس شيء من أعمالهم وتحركاتهم «الأمن الداخلي» لتلك الدول، فإن التعامل يكون من قبلهم بـ «لا رحمة» ولا غض للطرف وبدون تفاهمات وتبريرات.
دائماً ما كنت أقول بشأن بريطانيا كأقرب مثال، كونها تضم العدد الأكبر من المدعين بأنهم بحرينيون وفي الواقع هم «مرتزقة» تمولهم إيران وتصرف عليهم وتوجههم وتجندهم، دائماً ما كنت أقول بأن هؤلاء لو أساءوا التصرف بما يتقاطع مع خطوط حمراء لدى البريطانيين فإنهم سيشهدون انقلاباً رهيباً في التعامل، وسيتحولون من أصحاب لجوء إلى طالبي هروب من بريطانيا. الدليل على ما نقول تأكد هذه الأيام في قضية ضبط المتهم في البحرين في «قضايا دعارة» والهارب لبريطانيا كـ «لاجئ سياسي» عبدالرؤوف الشايب، حينما ضبطته أجهزة الأمن البريطانية بوثائق تكشف تخطيطه لعمليات إرهابية، وصور له مع أسلحة وصواريخ وهو يرتدي الزي العسكري. الشايب يواجه عقوبة السجن لمدة 15 عاماً، وقد اعترف في التحقيقات بأنه من أسس الحركة الانقلابية المسماة بـ «ائتلاف 14 فبراير» التي استهدفت البحرين وعملت ضدها، بل كان لها الدور الأكبر عبر خلاياها بالداخل في تنفيذ عمليات إرهابية تستهدف رجال الأمن، وتسد الشوارع والطرقات بالإطارات المحروقة، مع استخدام المولوتوف لإقلاق الأمن.
بمجرد ضبط وثائق وصور تحول الشايب - الذي أسقطت البحرين جنسيته وطالبت به عبر الإنتربول - من لاجئ سياسي في بريطانيا إلى متهم في قضايا معنية بالإرهاب ماثل أمام المحاكم البريطانية التي لا تعرف أي نوع من «الليونة» أو «المرونة» في شأن الإرهاب، ولكم في إجراءات ديفيد كاميرون أكبر إثبات. هذه الحالة من الحرص على الأمن القومي هي ما نحتاج لتعزيزه في البحرين، وهو ما يفرض المزيد من الدعم لجهود الأجهزة الأمنية لدينا. كذلك الصرامة في القضاء مع من يشتبه بكونه طرفاً في عمل إرهابي أو التخطيط له أو دعمه بأي صورة كانت.نعم، الغرب لا يهمه ما يفعله هؤلاء في بلادنا، لكنهم لا يرحمونهم إن حاولوا فعل ذلك في بلادهم. هذا أهم درس يستفاد منه في كيفية التعامل مع الإرهابيين.
أما بالنسبة للشايب، فالمحاكم البريطانية قد تزج به في السجن لـ 15 عاماً، وليتهم بعدها يسلمونه لـ «الإنتربول» الدولي، ليسلمه بدوره للبحرين لينفذ فيها الأحكام القضائية بحقه في جرائم الإرهاب والتحريض وطبعاً قبلها قضايا الدعارة.