عزيزي القارئ الكريم، في الوقت الذي تقرأ فيه هذا المقال وأنت تحتسي قهوة الصباح، يكون قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على مشارف اختتام قمتهم الـ36 في الرياض، والتي تأتي في ظروف استثنائية معقدة، ما أنزل الله تعالى شبيهاً لها على شعوب الخليج من قبل، يقف على قمة المخاطر المحدقة الممتدة التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي، إيران وأذنابها، و«داعش» وأتباعها، بجانب أزمة اقتصادية حادة نتيجة هبوط أسعار النفط إلى ما دون الـ40 دولاراً، معرضة معظم الموازنات الخليجية التي تمثل الإيرادات النفطية مصدرها الأول، لحالة عجز تام، إن استمرت هذه الأسعار على انخفاضها في 2016.
علاوة على تحديات أخرى لا تقل خطورة عن نظيراتها السابقات منها، تمدد للنفوذ الإيراني في اليمن، وسوريا، بجانب محاولات ولي الفقيه إذكاء الصراعات المذهبية والقومية بين شعوب الخليج أنفسهم، إضافة إلى القضية الفلسطينية.
على أية حال، إيماني المطلق بنظرية المؤامرة هو الذي يجعلني أخمن أن دول مجلس التعاون مقبلة على عام جديد عاصف، يفوق ما شهدته في الخمس سنوات الماضية نتيجة ما يسمي بـ«الربيع العربي»، وستكون سنة مفصلية لمستقبل وجودها وشعوبها والتحديات الأمنية والسياسية التي تطول كيان الدول نفسه، وليس فقط نظامها السياسي، وهو ما يجعلني أجزم أن قمة الرياض والمعقود عليها آمالنا، أحلامنا، أمننا ومستقبلنا، سيدفعها إلى تحصين نفسها ضد جميع التهديدات والمخاطر، وذلك عن طريق تنسيق سياساتها الأمنية والعسكرية والاقتصادية فيما بعضها، أكثر من قبل، مما سينتج عنه تحول في فكر دول مجلس التعاون، ينقلها من دول تستدعي وتستجدي -حين الأزمات- حلفاءها الإقليميين والدوليين لنصرتها، إلى دول تتحمل مسؤوليتها لوحدها ولا تعتمد على حلفاء مع دفتر شيكات.
هنا دعوني أكرر ما كتبته عشرات المرات، رغم قرفي من تكرار كلامي كقرفي من أولئك الذين يقفون حجر عثرة أمام الاتحاد الخليجي، ويجهلون جهلاً مركباً، أن العالم اليوم يحترم ويحسب ألف حساب للتكتلات السياسية الإقليمية، وبعيداً عن نظرية أن الاتحاد حلم يراود أحلامنا كخليجيين، لكن صدقني ومن غير «حلفان»، كوني مواطناً خليجياً، عربياً، قومياً، أرى أن الوقت قد أزف للتحول من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد، «رحم الله أبومتعب»، قبل أن تتقاذفنا الأمواج فنغرق، فهو مخرج مهم لحماية أمن الخليج، يتناسب مع حجم الانتصارات التي تحققت والقوة العسكرية المهولة التي برزت في اليمن، تحسباً لاندلاع حرب جديدة في المنطقة -في أي لحظة- أرى شراره تـتلظى في وجوه أتباع ولي الفقيه -قبحها من وجوه- بما يضمن ذلك من ضرورات تشكيل قوة عسكرية موحدة، وبلورة خطط للتعامل مع التداعيات المحتملة لهذه الحرب في حال نشوبها، وأتمنى أن أكون قد أخطأت الحسابات.
لقد أنفقنا 36 عاماً في البحث عن سبل تعزيز التعاون السياسي والتكامل الاقتصادي والاتحاد الجمركي والعملة الموحدة وجيش موحد، ولكن دون جدوى، وآن لنا أن ندرك، أن الاتحاد هو المختصر المفيد لكل هذا، وهو السبيل الأوحد للتصدي للتدخلات الإيرانية والمؤامرات الدولية والتي تقودها منظمات حقوق الإنسان المشبوهة، وهو القامع الذي سيقمع وسيقمط الأفكار المتعصبة من قبل جماعات متطرفة كـ«داعش» و«حالش»، وسيردع ما يسمى بـ«حزب الله».
* تغريدة:
لا أحترم الفاسدين، كما لا أحترم من يدافع عن الفاسدين، ويخطئ من يتصور أن جرجرة الأقلام الحرة النزيهة للمحاكم سيخرسها عن كشف بؤر الفساد، فمن يؤمن بوطننا حراً، نظيفاً ونزيهاً، لمستعد أن يناضل من أجله ويدفع ثمناً باهظاً «وهذا الميدان يا حميدان»!!