لعل أكثر ما يميزنا نحن أبناء الشعب العربي وهو ادعاء الأغلبية الساحقة فينا بفهم مجريات ما يدور من حولنا خاصة على الساحة السياسية، والتي من المعروف أن لها ارتباطاً وثيقاً بالناحية الاقتصادية، وتبعياتها على التركيبة الديموغرافية للمنطقة. وأكثر ما يستفزني هو وقوفنا على هامش الأمور والاهتمام بالقشور، واعتقادنا أن البحر الراكد آمن، ومساره سالك، ولا نعلم أنه يوجد به أسماك قرش تنتهز فرصة لهونا لتعبث بأمننا.
يأتي كلامي هذا حقيقة في أعقاب ما صادفني من مواقف جمة غير طيبة خلال زيارتي لإحدى الدول الأوروبية قريباً، عندما تحدث معي أكثر من شخص مسؤول في هذا البلد عن استنكارهم لواقع الحال التي يعاني منها الشعب البحريني، بحسب ما يصل لهم من تقارير مزيفة من تلك الفئة الناكرة للجميل. فقد أصبت بالذهول عندما سمعت من يزعم أن «الشعب يعاني من الفقر المدقع، وأننا نعيش بقمع سياسي وأن حرياتنا منتهكة». حاولت جاهدة أن أفسر لهم حقيقة الأمور، وأن الأمر ليس كما هو مفهوم. بالمقابل لا يجوز إعطاء الحق لمن يريدون العبث في البلاد وقتل رجال الشرطة في كل مكان بأن نفتح لهم قلوبنا ونقول لهم «هنيئاً لكم»، فكل مدان لابد أن يأخذ حقه من العقاب.
أيام قليلة تفصلنا عن يوم الشرطة البحرينية الذي يصادف يوم 14 ديسمبر، والأيام الوطنية المجيدة، فحب الوطن يا إخوان ليس فقط أشعاراً وأنغاماً، كلمات وألحاناً، زينة، أضواء ومسيرات، حب الوطن أكبر بكثير من مجرد برامج وأغانٍ وفعاليات، فقد آن الأوان أن نفهم المكائد التي تحاك ضدنا، والسيناريوهات المزخرفة التي تصل المجتمع الغربي والتي تظهرنا بمظهر الذئب المفترس!!
حب الوطن أن نقف ونتكلم وندافع بكلمة «حق»، حب الوطن أن نفهم، نتثقف، نحلل ونتعلم، ألا نسمح للعابثين بنقل صورة غير حقيقية عما تنعم به البلاد من أمن ورخاء، كفانا وقوفاً على الهامش!! استيقظوا من سباتكم العميق، فمن ينشر العبثية في البلاد ويقوم بقتل الشرطة ولديه ذخائر من الأسلحة المهربة من البلد الذي يدفعهم للتخريب، بأي وجه حق يطالب بالحريات!!
وهنا يستوقفني أمر مهم لبعض سفراء المملكة المعتمدين في الخارج الذين يكاد يكون بعضهم شبه مغيبين عن ضرورة أهمية التواصل مع المجتمعات الموجودين فيها ونقل الحقائق والصورة التي تليق بالبلاد، وتوضيح أن رجال الأمن في البحرين يتمتعون بدرجة عالية من الكفاءة والانضباط ولديهم نفس طويل في التعامل مع المخربين. لذا من الضروري أن يكون السفراء على درجة عالية من الثقافة والسياسة والكياسة والفطنة لما يدور ويجري في بلدهم، وأن يحظوا بمستوى عال من اللغات الأجنبية كي يتمكنوا من الرد على أي اتهامات ومزاعم مقصودة تصل عن طريق العابثين بمقدرات البلد. وفي الختام نأمل أن يكون السلام والأمان متلازمين في كل بقاع الأرض، وأن يستيقظ أبناء الشعب العربي من سباتهم قبل فوات الأوان، وأن يتركوا الهامش ويقفوا في خط المواجهة.