الأخ الأستاذ يوسف البنخليل رئيس التحرير، الإخوة والأخوات مدير التحرير والمحررين وكافة منسوبي الصحيفة، الإخوة والأخوات كتاب صحيفة «الوطن». أعبر لكم جميعاً عن التهنئة القلبية للذكرى العاشرة لصدور صحيفة «الوطن» وللجهد الفائق والرائع الذي تبذلونه، والعطاء المتميز لمصلحة الوطن أرضاً ودولة وسيادة وأمناً، ولمصلحة «الوطن» الصحيفة التي نشأت في حضن الوطن الأم، ودافعت عن مواقفه وآماله وتطلعات شعبه. لقد جاءت صحيفة «الوطن» منذ إنشائها على يد المغفور له بإذن الله تعالى الصديق والزميل محمد البنكي منذ عشر سنوات لتضيء شمعة من الفكر الوطني الحر المستنير والمعبر عن هوية الوطن البحرين، والمدافع عن مواقفها، والمفند لأطروحات ودعاوى خصومها. وقد انتهجت «الوطن» الصحيفة مبدأ لم تحد عنه، رغم تغير المديرين والعاملين بها أكثر من مرة، خلال تلك السنين العشر، وهذا المبدأ هو الدفاع عن الوطن البحرين، وشعبها وقضاياها وأمنها وسيادتها، وهو ليس بالأمر السهل أو الهين في منطقة تعج بالتحديات وتموج بالطموحات والتطلعات. تلك الطموحات الخارجية مثلت تحديات بل تهديدات للبحرين على مختلف الأصعدة.
وإذا كانت القيادة السياسية لديها بعد النظر، ولديها التزاماتها المحلية والإقليمية والدولية، ومن ثم فهي تلوذ بالحكمة في التعامل مع التحديات، تلك الحكمة التي هي ضالة المؤمن ينشدها أينما كانت وحيثما وجدها، وتتجلى تلك الحكمة في ردود أفعال القيادة تجاه الأزمات والتحديات التي تعرضت ولاتزال تتعرض لها مملكة البحرين.
ولكن العمل الصحافي لديه منطق آخر، إذ ليس لديه القيود والالتزامات التي هي مسؤولية القيادة السياسية، فالعمل الصحافي لديه القلم، ولديه الفكر الذي يعبر عنه بقوة، ولديه القضية التي يتبناها بعقلانية، والمساحة الورقية التي ينشر عليها آراءه، إيماناً بالوطن وتقديراً للدور الرائد والبناء لهذه القيادة السياسية الحكيمة. ولعل أي مقارنة بين نتاج عمل القيادة البحرينية ونتاج عمل قيادات في دول عربية كثيرة يظهر مدى إيمان وتفاني قيادة البحرين في خدمة مصالح شعبها وفي إدارة شؤون الدولة بسلام عبر العديد من الأزمات التي واجهتها مملكة البحرين ولاتزال تواجهها أيضاً.
إن القيادة السياسية تعمل في إطار من الحكمة والحزم من ناحية، والسلاسة والعزم من ناحية أخرى، والمواقف الشجاعة والقوية لصحيفة «الوطن» وصحف أخرى جعلت رؤساء التحرير والمحررين يستدعون للمحكمة باتهامات معظمها باطل، وبعضها فاسد قانوناً، وارتدت الشكاوى ضد أصحابها والاتهامات ضد مروجيها.
والشكاوى ضد الصحف وأصحاب الرأي عادة تزيدهم قوة وتمسكاً بمواقفهم وحرياتهم، ماداموا لم يزورا الحقائق أو يلوثوا المعلومات المنشورة بتوجهات خاصة بفكر أو عقيدة أو أيديولوجية معينة. وصحيفة «الوطن» منذ نشأتها رفضت المساومة على مواقفها دفاعاً عن الوطن مملكة البحرين، وعن قيادتها الرشيدة والحكيمة.
ولقد شاءت إرادة الله أن أكون من كتاب الصحيفة منذ نشأتها، بناء على دعوة كريمة من الزميل المغفور له محمد البنكي الذي تزاملنا معه في جامعة البحرين وكان نعم الزميل والصديق رحمه الله رحمة واسعة. وتناوب من بعده أصدقاء على رئاسة تحرير الصحيفة حتى جاء الزميل يوسف البنخليل رئيساً للتحرير، وقد تزاملنا معاً في مركز البحرين للدراسات والبحوث وفي برنامج الدراسات الاستراتيجية الدولية وحوار الحضارات، وكان أول سكرتير للمجلة الدورية المسماة «دراسات استراتيجية»، وتولى بوجه خاص إصدار العدد الأول ثم غادر المركز لمهام وطنية أخرى، ولكن بصماته ظلت هي طابع المجلة حتى العدد رقم 19 الأخير، فله الشكر على تلك المساهمة القيمة والآن هو يضع بصماته بل وأكثر من البصمات على صحيفة «الوطن» وخاصة بمقالاته التي تتميز بالرؤية العلمية والشجاعة والجرأة التي هي معروفة عنه. ولعل ذلك حصيلة ثلاثة أمور هي، الدراسة العلمية للعلوم السياسية ومن ثم فهو عندما يتناول قضية يبحث في جذورها ويلتزم المنهج العلمي في تحليلها، وثانيها، التربية السياسة السليمة منذ نشأته، وثالثها الحس الوطني العميق.
ولقد تعرفت على كثير من رؤساء التحرير ومديري التحرير في الماضي والمحررين والمسؤولين عن صحيفة «الوطن» ولمست فيهم جميعاً إتقان العمل والحرص على الصحيفة ومكانتها، والعمل من أجل تطويرها حتى أصبحت تحتل مكانة مهمة في صحافة مملكة البحرين، ولا يسعني المقام لكي أتحدث عن كل واحد منهم، ولكن أقول للجميع وأكرر أن لكم جميعاً الشكر والتهنئة والتمنيات بمزيد من التألق للصحيفة في الأيام القادمة.

* كاتب ومحلل سياسي وخبير في الدراسات
الاستراتيجية الدولية والقضايا الدولية والإقليمية