إن ما ميز قمة مجلس التعاون الخليجي الـ 36 التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض مؤخراً، هو ترؤس قائد الخليج، خادم الحرمين الشريفين، العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، للقمة، وهو الذي استطاع أن يجمع دول مجلس التعاون في الحزم والعزم، حينما تم إعلان انطلاق العملية العسكرية بقرار حاسم كان الفضل بعد الله فيه إلى الملك سلمان، وبالفعل كان قائداً للخليج، وها هو اليوم قد ترأس القمة، ليؤكد أنه بحق قائد لدول الخليج، في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها دولنا وشعوبنا الخليجية.
قمة الخليج الاعتيادية هذه المرة عقدت في أوضاع استثنائية تمر بها المنطقة، وغير مستقرة حول دول مجلس التعاون، ومنها ما يدور من معارك وقتال بين قوات التحالف العربي لدعم الشرعية «إعادة الامل» بقيادة المملكة العربية السعودية مع المتمردين الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح على أرض اليمن، لإعادة الشرعية، وقد بذلت دول المجلس الكثير من الجهود في سبيل بسط الأمن وإعادة الاستقرار لليمن وتأمين الحدود الجنوبية للسعودية وباقي دول مجلس التعاون، فأمن اليمن هو من أمن دول مجلس التعاون.
وقد ركز البيان الختامي للقمة على شأنين خليجي وعربي، فقد كان هناك حرص من القادة على تطوير المنظومة الخليجية لصالح المواطنين وتأمين الحياة والعيش الكريم لهم، وكل ما تم الاتفاق عليه يصب في تعميق مفهوم المواطنة الخليجية، وهذا ما يهم المواطن حقيقة، في أن يتم تنفيذ السوق الخليجية المشتركة بين الدول الأعضاء، وهذه إحدى المقترحات التي تعبر عن المطالب التي يتوق لها كل مواطن خليجي، وكذلك الاتفاق بين دول الخليج على وضع إجراءات من شأنها أن تسرع المنافذ الجمركية لتعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء.
وكان للملك سلمان رؤية ثاقبة خلال القمة، فيما يتعلق بتطوير العمل الخليجي في المجال العسكري والأمني والاقتصادي، وذلك له الأثر الكبير في الفترة القادمة التي عنوانها أنه لا بديل عن الاتحاد الخليجي المشترك وتلبية طموحات وآمال شعوب مجلس التعاون، وهذا ما أكد عليه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، أن التحديات التي تمر بها دول الخليج تحتم علينا انسجاماً وتنسيقاً عالياً في التحرك الخليجي، وتعزيزاً للتعاون المشترك، وعملاً دؤوباً لتفعيل وتطوير دور مجلس التعاون، على نحو يستشعره المواطن الخليجي في تحقيق آماله وتطلعاته في التقارب والتلاحم والتعاون، ويسمو به إلى التكامل والاتحاد.
نعم إن سلمان بن عبدالعزيز بحق قائد هذا الخليج، وهو رجل الحزم والعزم، فالمنطقة اليوم تمر بأحلك الظروف والتحديات والأطماع، وهو ما يتطلب من دول مجلس التعاون التكاتف لتحصين البيت الخليجي الداخلي وتقويته، ليكون سداً منيعاً في وجه أعدائه، الذين تكالبوا على الأمة، من كل حدب وصوب، في ظل انتشار الإرهاب، الذي يجب أن يتم محاربته والقضاء عليه، أياً كان مصدره، فالإرهاب لا دين ولا مذهب له، ويجب اقتلاعه من دول الخليج، وهذا لن يتحقق إلا من خلال الاتحاد والتعاضد والتكاتف، كقوة واحدة، في مجابهة كل من يتربص شراً بدول مجلس التعاون سواءً من الداخل أو الخارج.
* همسة:
ستستضيف مملكة البحرين قمة مجلس التعاون الخليجي المقبلة في ديسمبر 2016، وحقيقة ما نأمله كبحرينيين أن تتم ولادة الاتحاد الخليجي الذي ينشده كل مواطن خليجي، وهي الأمنية التي كان يريدها المغفور له بإذن الله تعالى، العاهل السعودي الراحل، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله. كل الأماني بالخير لدول مجلس التعاون الخليجي العربية ومواطنيها، من أجل التصدي للمخاطر التي تحيط بها، في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة وخصوصاً ما يحدث في اليمن.