هل بالإمكان أن يتعاون البحرينيون مع الحكومة في تطبيق خطة التقشف؟ نعم بالإمكان ويكونون عاملاً مساعداً، وقد تفاجأ الحكومة بقدرة البحرينيين على تقديم العون بدرجة أكثر مما تطالب الحكومة.
هل بالإمكان أن نطلب من البنوك و الشركات الأجنبية أن تبقى في البحرين ولا تغادرها ولا تتأثر بتقارير التصنيفات الائتمانية وتثق بقدرة الاقتصاد البحريني بالتعافي؟ نعم بل و بإمكان البحرين أن تستقطب المزيد من الشركات والبنوك حتى في هذه الظروف.
الأمر ليس سحراً ولن نخترع العجلة، الأمر يحتاج أن «نثق» نحن البحرينيون و»يثق» الاقتصاد الدولي بالحكومة البحرينية.
إنما حتى اللحظة وحتى بعد صدور التصنيف الائتماني السلبي عن البحرين، وتواتر الأخبار عن مغادرة أحد البنوك الهامة للبحرين وتسريح عدد كبير من موظفيه تصر الحكومة إصراراً عجيباً على البقاء صامتة!!
كيف للحكومة أن تكسب ثقة المال الأجنبي وهي عاجزة حتى اللحظة عن كسب ثقة المال المحلي؟ قد يكون في ذهنها أروع الخطط والأفكار والمبادرات لكن بقاء هذه المبادرات في الذهن لا يكفي لطمأنة الفريق الذي سيلتزم بهذه الخطط، الاحتفاظ بالمبادرات في جعبة الحكومة لا يزرع الثقة بها، رفض أو نفي ما جاء في التصنيف من انتقاد سلبي لضعف تلك المبادرات لا يكون في الحديث مع النفس وداخل الدوائر المغلقة، الثقة في القيادة تبدأ من الثقة بالفريق، لذلك لا مناص من الانفتاح على الرأي العام المحلي والخارجي.
تطرق تصنيف منظمة «فيتش» على (ضعف) المبادرات الحكومية لا يأت من فراغ، إنما مصدره هو هذا الانغلاق، المشكلة بأن الحكومة لا يمكنها أن توقف عجلة التداعيات -إن حدثت لا سمح الله –نتيجة تصاعد حدة عامل «عدم الثقة»، والتقليل من تلك التبعات أو الاستهانة بها ليس حلاً ولن يخدمنا، ولم تخدمها سياسة إسكات الأصوات المتذمرة سواء في الصحافة أو في وسائل التواصل الاجتماعي أو حتى في اللقاءات مع التجار والمستثمرين، رغم كل ما بذلته من أساليب ووسائل تبرع بها و (طق الصدر) لها المسؤولون عن الإعلام، إلا أن ذلك لم ينفعها مع هذا التقرير ومع التبعات التي ستكون خارج حدود سيطرة حارس المرمى الإعلامي.
«الثقة» في السوق الثقة في الإجراءات الحكومية لا تأتي من منع التذمر ولا تأتي من إسكات الأصوات ولا تأتي من ثقة الحكومة بنفسها فقط وكفى وعلى الناس والسوق والمنظمات الدولية أن تتبعني عمياني!
الثقة هي الدافع الأول للتعاون السلس بين القيادة وبين الفريق وبالإمكان الاثنين إن تعاونا أن يحققا المعجزات، بل وأحياناً تقود الثقة المطلقة للتسليم تسليماً تاماً للقيادة والمضي قدماً (عمياني) بالفريق وراء القائد إن آمنت به وأقنعها، حينها تترك له القيادة وأنت مطمئن وتتبعه إلى حيث يقودك حتى لو صادفت طريقاً وعراً ومتعرجاً وزلقاً، فالثقة بالقيادة بإمكانها أن تقود فريقاً إلى النجاة من أية مخاطر تعترض الطريق، إنما ثقة الفريق بالقائد لا تتحقق والقائد لا يثق بالفريق.
ليست وعورة الطريق ما يهز ثقة الفريق بالقيادة ولا حتى المنزلقات والتحديات والمخاطر، بل بالعكس أحياناً تكون هذه الظروف الخارجية فرصة لإثبات قدرات ومهارات القيادة مما يعزز الثقة المستقبلية ويقود لتسليم الفريق تسليماً تاماً.
الأزمة الاقتصادية عالمية ليست على البحرين فقط وجميع الحكومات في دول مجلس التعاون ستتأثر بها وهي فرصة أولاً للعودة للاقتصاد الواقعي لا الريعي لكنها فرصة لمراقبة التفاوت والأساليب في أداء الحكومات في المنطقة لمراقبة أيهما ستنجح في جعل المواطنين والمقيمين والمستثمرين شركاء إيجابيين يساعدونها ويقدمون المبادرات معها ومن سيخلق جيشاً من المتذمرين الساخطين!!