لدينا خير في البلد، يتمثل في أهله وطاقاته، والأهم في أبنائه الذين يمثلون تعاقب الأجيال التي تحمل اسم البحرين، وتجعل للوطن امتداداً في المستقبل. هذه هي الثروة الحقيقية التي بالاستثمار فيها ترفع من شأن بلدك، وبتجاهلك لها وعدم الاهتمام باحتضانها تحولها بشكل تلقائي لمعسكرات أخرى، فيها من يستغلهم لأهدافه، وفيها من يحولهم لـ»وقود محرقة» و»أدوات» يضرب بها الدولة نفسها، وكم أثبتت لنا السنوات الماضية خطأ «عدم الاهتمام بالشباب».
أضعها بين قوسين وأقول إن «عدم» الاهتمام بهذه الشريحة التي نقول عنها في التصريحات الرسمية إنها تمثل «غالبية» تعداد أهل البحرين، يعني أننا كبلد نكتب على أنفسنا خسارة «قوة» لصالحنا ونحولها لـ»قوة» ضدنا لو استغلها مستغل يضمر الشر للبلد.
ولذا القناعة ثابتة بأن «تمكين الشباب» فعلاً لا قولاً، أهم مقومات مواجهة تحديات المستقبل، وبأن «احتضان الشباب» فعلاً لا قولاً، أقوى وسائل بناء المؤسسات الوطنية وضمان استمرارية التطور والبناء، وبأن «توعية الشباب» أمضى وسيلة لصناعة جيل وطني واع قادر على تحمل المسؤولية، ويمكن الاعتماد على «قادة مستقبل» نصنعهم فعلاً لا قولاً.
كررت الكلمتين «فعلاً لا قولاً» مراراً هنا، لأنها ليست المرة الأولى التي أطرق فيها هذا الشأن مشيراً إلى ضرورة تطبيق الشعارات التي نطلقها من أجل الشباب في فعاليات ومشاركات وبرامج، إذ الهدف ليس «إلهاء» لهم ولا «شغل فراغهم» ولا «إفراغ طاقاتهم»، كيلا يقوموا بأفعال مقابلة مضرة، بل الهدف «المفترض» من كل هذا، صناعة «أجيال مسؤولة»، صناعة «جيش طاقات ومواهب وقدرات»، حينما تصل الدولة لمفترقات طرق في الأداء الحكومي، وفي مواجهة مشكلات ونقص في الطاقات والكوادر، يمكنك حينها أن تقف أمام الدولة بكل ثقة وتقول: «هؤلاء كفاءات وطاقات المستقبل، بدل الواحد ألفاً، اختاروا من تريدون، انظروا لقدراتهم، فنحن نراهن عليهم جميعاً».
البحرين فيها خير كثير، فيها هؤلاء الشباب الذين لو تأسسوا بشكل سليم، لو حصلوا على الاحتضان الصحيح والتوجيه الأصح، والله ما احتجنا لاستقطاب خبرات، ولا اضطررنا للمعاناة في الاختيار، ولقضينا ربما على داء المحاباة في بعض التعيينات.
وإنصافاً وإحقاقاً للحق نقول إن هذا الواقع بدأ يتغير للأفضل، هناك مساع للتأكيد على أنهم بالفعل «ثروة وطنية» يمكن الاعتماد عليها لو أحسنا احتواءها واحتضانها، إذ نرصد جهوداً ناهضة وحثيثة للدفع في هذا الجانب، والأهم نرصد تطبيق معادلة «الفعل قبل القول»، وهذا مبعث للتفاؤل، وبيان أن هناك ولله الحمد من المسؤولين من لا يعملون بهدف «الشو الإعلامي» ولا بهدف «إبراز الذات والقطاع»، بل يعملون للأهداف التي من شأنها خدمة الوطن والمواطن.
وعليه نقول إنها استراتيجية موفقة تلك التي تعمل بها وزارة الشباب والرياضة فيما يخص ملف الشباب، وخلال السنوات القلائل الماضية رأينا مستوى الجدية في التعامل. فعاليات شبابية عديدة أقيمت، فُعلت أنشطة المراكز الشبابية التي قارب عددها الـ60 مركزاً شبابياً «حياً» ينبض بالحركة، ولن أقول رياضياً هنا، بل شبابياً يحتضن فعاليات عديدة، فيه الثقافة التي غابت عن كثير من الأندية، وفيه أنشطة ممنهجة بشكل جميل لصناعة «الشاب البحريني المخلص المنتج لأسرته ووطنه».
مؤخراً، فعالية «المسرح الشبابي» التي رعاها نجل جلالة الملك سمو الشيخ خالد بن حمد مشكوراً، واحتضنتها وزارة الشباب، قصة نجاح أخرى استهدفت الشباب، وأثبتت من خلال عروض مسرحية وصلت لعشرة عروض إبداعية لاقت جميعها استحسان حضور لافت للنظر بعدده، أثبتت أن «شباب البحرين» الموجودين في «المراكز الشبابية» و»الأندية» فيهم من الإبداع والتميز الكثير، فيهم جمالية الأداء والكتابة والإخراج وفنون أخرى ما يجعلك «تفخر» بأن هذا المشهد الجميل «صناعة شبابية بحرينية»، صناعة وطنية.
لن تستحمل هذه المساحة حجم السطور التي يمكن أن تكتب عن شباب هذا الوطن، عمن ينطبق عليهم وصف «اللآلئ» الموجودة بداخل «المحار»، لكننا سنسأل دوماً عمن يفتح هذا المحار، وعمن يهتم بمن يختفي داخله، ويوظفه في خدمة الوطن، لا نريد «مكتشفاً» أو «غيصاً» من وزارة الشباب والرياضة فقط، بل من كل الوزارات، هذه ثروتكم الحقيقية، بنجاحها تنجحون، والعكس - رغم وجع تأثيراته - صحيح.
من يفعل ذلك سنشد على يده وجهوده، وسنعرف أنه يشاطرنا القناعة أن في هؤلاء الشباب الخير الكثير الكثير، فقط لو اهتممنا بهم.