قبل أيامٍ فقط، دعا «دونالد ترامب»، الساعي للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية، لحظر دخول المسلمين للولايات المتحدة بعد أيام من إطلاق النار الدامي في كاليفورنيا. وطالب ترامب بوقف «كامل وكلي» لدخول المسلمين الولايات المتحدة، قائلاً: «ليس لدينا أي خيار آخر». وقال ترامب، إن «استطلاع رأيٍ أظهر أن المسلمين يكرهون الأمريكيين، وهو ما يشكل خطراً على البلاد». وأضاف أن «الحدود ينبغي أن تظل مغلقة أمام المسلمين حتى يتوصل نواب الشعب إلى فهم واضح لأسباب تلك الكراهية». وذكر أن «الوضع سيزداد سوءاً، وسنشهد المزيد من الهجمات المشابهة لتلك التي وقعت في سبتمبر 2011».وبما أن هذه التصريحات خرجت من داخل الدولة الأمريكية التي تقوم على عكس ما دعا إليه «ترامب»، انتقد البيت الأبيض تصريحات المرشح الجمهوري واصفاً إياها بأنها «لا تعبر عن الولايات المتحدة». وأضاف بيان صدر عن البيت الأبيض أن «تلك التصريحات تتعارض مع القيم الأمريكية وتشكل تهديداً للأمن القومي». وقال «جوش أرنست» الناطق باسم البيت الأبيض إن «ترامب يسعى للاستفادة من الجوانب المظلمة واستغلال مواقف الناس من أجل شحذ التأييد لحملته الانتخابية».هذه العنصرية البغيضة ضد المسلمين لا تمثل الشارع الأمريكي ولا حتى الحكومة الأمريكية، ولهذا فإن تصريحات «ترامب» لم تلق صدى داخل العمق الأمريكي، ولم تشكل أي وزن يذكر، سواء للشعب الأمريكي أو الحكومة الأمريكية، وهذا يدل على أن هذه الانفعالات العنصرية لم ولن تجد لها أي مستهلك داخل واشنطن.بغض الطرف عن بعض السلوكيات الشاذة التي يقوم بها بعض الإرهابيين ممن ينتمون زوراً للإسلام، ستظل أعمالهم الإرهابية غير مرحب بها بين المسلمين أنفسهم، ولهذا لا داعي لأن نبرر أو نعمل على توضيح أكثر الواضحات لأمريكا وغيرها، وهو أن الإسلام لا يمثله هؤلاء، ومع ذلك، سنظل ندين كل عمل إرهابي جبان، ينال من حياة الأبرياء في كل أنحاء العالم.في المقابل، يجب على المسلمين أن يتكيفوا ويندمجوا مع الآخرين من غير المسلمين، في حال صدرت من بعض أولئك تصريحات أو سلوكيات تنال منهم، فالحكم على «الكل» من خلال «البعض» يعتبر مجانباً للحكمة والصواب، فنحن اليوم نعيش في مجتمعات منفتحة على المختلف، ولا يجوز لأحدٍ أن يلغي أحداً، فكيف إذا صدرت مثل هذه التصريحات من الدولة الأولى في العالم من حيث وعيها بأهمية الديمقراطية وتقبل كل الأعراق والإثنيات؟ من المؤكد سيكون مصيرها الفشل.لا يجب أن يكون كل واحد منا يحمل شخصية «ترامب» لكن في نسختها العربية أو الإسلامية، فهذا الفكر الرجعي في عصر التنوير والعولمة والحداثة، لا يمكن أن ينجح، فكل من يدعو للكراهية واحتقار الآخر سيكون مصيره إلى مزبلة التاريخ، فالعالم اليوم بات قرية صغيرة لا تتقبل مثل هذه الترهات، سواء صدرت من جهة الغرب أو من جهة الشرق، وحتى نقطع الطريق على أعداء الإنسانية، يجب أن نحارب كل فكر يدعو للعنصرية والكراهية.