منذ أن ظهرت أزمة إرسال تركيا قوات عسكرية إلى شمال الموصل في العراق، والموقف التركي مستقر وثابت ومتسم بتصريحات معدودة تتلخص في أن تركيا دخلت بموافقة الحكومة العراقية وأنها لن تسحب قواتها، في حين اتسم الموقف العراقي أو بعبارة أدق الميليشيات العراقية المرتبطة بالحكومة وبإيران بالتصعيد والمهاترات، والحقيقة أن إيران تقف وراء هذه الميليشيات فإلى أين ستصل؟هددت الميليشيات الشيعية تركيا أكثر من مرة خلال الأيام القليلة الماضية لكن أقوى هذه التهديدات كان قبل يومين، إذ أمهلت القنصل التركي في البصرة 72 ساعة لمغادرة المحافظة، وأعلنت بشكل صريح استهدافها جميع المصالح التركية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والعلمية، مستخدمة كل الوسائل والإمكانات المتاحة لتحقيق هذا الهدف بعد نهاية الـ72 ساعة، وفي الواقع لا توجد لتركيا مصالح في البصرة غير المصالح الاقتصادية فلا توجد جوانب علمية ثقافية، وعملياً هذه الميليشيات ومن خلفها إيران تحارب البضائع التركية وقبلها البضائع السعودية منذ زمن، لتتمكن من ترويج البضائع الإيرانية التي لم تتمكن من الصمود في الأسواق بعدما فرضت البضائع السعودية والتركية نفسها بسبب جودتها العالية مقابل البضائع الإيرانية الرديئة، وفي هذه الحالة سيكون المتضرر الأكبر من هذا العمل هم أهل الجنوب أنفسهم الذين لن يجدوا أمامهم سوى البضائع الإيرانية الرديئة، أما ما يتسبب بضرر حقيقي لتركيا فهو النفط وفي هذا الجانب لا تتعامل تركيا مع نفط البصرة وإنما تتعامل مع نفط شمال العراق وتملك كل مفاتيحه، لأنه يصدر بأنابيبها وعن طريقها، والاتفاقات المهمة بشأن الطاقة التي تحتاجها تركيا تعقدها مع إقليم كردستان الذي تربطه بأنقرة علاقة متينة، أما محاولة إجراء هجمات على القوات التركية فهذا غير ممكن لوجود الفاصل بين هذه الميليشيات والقوات التركية، هذا الفاصل متمثل بتنظيم الدولة «داعش».ومع هذه التهديدات ذهبت إيران أبعد من العراق حيث كشفت صحيفة «الأخبار» اللبنانية المقربة من «حزب الله» عن سعي ميليشيات الحشد الشعبي في العراق إلى التحالف مع قوات حزب العمال الكردستاني «PKK» يضم التحالف العراق ومناطق في سوريا ضد تركيا، وقد اتخذت إيران هذه الخطوة لأنها تعلم جيداً أن تركيا تعد حزب العمال عدوها الأول وتعتبره منظمة إرهابية، ولأن هذا الحزب له علاقات مع إيران وهو متهم بتنفيذ أجنداتها، حتى إن عثمان أوجلان شقيق زعيم الحزب عبدالله أوجلان قال قبل أشهر عدة عن علاقة الحزب بإيران: «هناك تطورات في العلاقة والصداقة وهناك دعم لوجستي من قبل إيران، وسنفتح صفحة علاقات مع الحكومة العراقية»، لذلك ستحرك إيران ميليشياتها للتحالف مع هذا الحزب ملوحة لتركيا بميليشياتها في إطار الصراع على المصالح.لكن ما الذي سيفعله هذا الحزب بعد تحالفه مع الميليشيات؟ الجواب لا شيء لأنه استخدم أقصى طاقته مع تركيا وليس بوسعه فعل المزيد للإضرار بها، ولذا هذه التهديدات هي مجرد جعجعة إعلامية.