تأكيد رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة في رسالته بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان على «ضرورة ألا تستغل القيم النبيلة لحقوق الإنسان كأداة للتدخل في شؤون الدول أو إثارة الفتن والشقاق بين أبناء المجتمع الواحد» جاء في وقته، فهو مهم للغاية، فما يحدث حالياً هو أن بعض الدول تستغل هذه القيم للتدخل في شؤون الدول الأخرى بينما تستغلها بعض الجماعات لإثارة الفتن والشقاق بين أبناء المجتمع الواحد ولتحقيق مآرب خاصة، متناسين أن «حماية وصون حقوق الإنسان ليس وسيلة وإنما هدف نحو حياة أفضل وعالم يسوده الأمن والاستقرار» كما قال صاحب السمو في الرسالة نفسها.
لا أحد في البحرين يقف ضد القيم النبيلة، ولا أحد يقلل من شأن حقوق الإنسان، بل إن هذا الملف من الأولويات لدى حكومة البحرين كونه هدفاً، بتحقيقه تستطيع إسعاد الشعب والإعلاء من شأنه، فحقوق الإنسان غاية، ولهذا أوجدت العديد من المؤسسات التي تعين على تحقيق هذه الغاية، لكن من غير المنطقي السكوت عمن يسعى إلى استغلال هذا الملف للتدخل في شؤون البحرين الداخلية أو لإثارة الفتن بتسييسه، خصوصاً وأن الوفاء بمثل هذا الملف لا يمكن أن يتحقق بين يوم وليلة ولا بقرار، فهو الآخر يخضع للحراك الاجتماعي ولقدرة المجتمع على استيعابه له.
مشكلة ملف حقوق الإنسان أنه يسهل توظيفه خصوصاً من قبل البعض المتمرس في هذا الأمر والمنظمات التي تمتلك خبرة واسعة في هذا المجال، فعدم السماح لمظاهرة بالخروج في وقت محدد أو مكان معين يمكن تفسيره على أنه انتهاك لحقوق الإنسان بغض النظر عن أسباب المنع حتى وإن كان نفعه ظاهراً ويسهل تفهمه، واتخاذ قرار ما في وقت ما لسبب ما لا يحصل البعض بسببه على ما يريد أو يأمل يمكن تفسيره على أنه انتهاك لحقوق الإنسان، ومواجهة رجال الأمن لذلك البعض الذي استمرأ عملية اختطاف الشوارع وإشعال النار في إطارات السيارات وتعطيل حياة الناس والتعامل معهم بموجب القانون يمكن تفسيره على أنه انتهاك لحقوق هذا البعض الذي يعتبرون أنه لا بأس من انتهاكه لحقوق الآخرين، وتطبيق القانون من قبل أي جهة مسؤولة يمكن اعتباره انتهاكاً لحقوق الإنسان لو أنه لم يعجب ذلك البعض الذي يريد أن يطبق القانون ولكن ليس عليه أو على المحسوبين عليه. هو ملف سهل استغلاله وتوظيفه ولي الذراع به والركض به إلى المحافل الدولية، وهذا واحد من عيوبه التي ينبغي بحثها من قبل الدارسين.
المثير في أمر حقوق الإنسان أن بعض الدول التي تستغله للتدخل في الشؤون الداخلية وتكيل بناء عليه الاتهامات تلو الاتهامات للبحرين، وخصوصاً إيران، تعاني شعوبها من انتهاكاتها لحقوقهم بشكل يومي وفظيع، والمثير أيضاً أن المجموعات التي تفعل ذلك يعاني المنتمون إليها والمحسوبون عليها من انتهاكها لحقوقهم كونهم إنساناً أيضاً!
ترى كم عدد الذين يخرجون يومياً في مظاهرات في البلاد العربية والإسلامية وهم يرفعون شعارات حقوق الإنسان بينما هم يظلمون الإنسان الذي يقاسمهم السكن والحياة والمعيشة والمسؤولين عنه مباشرة بكرة وعشياً؟ وكم عدد الذين يمارسون كل أفعال السوء يومياً وهم يشاركون في رفع تلك الشعارات؟
لا يمكن للمدافع عن حقوق الإنسان أن يكون منتهكاً لحقوق الإنسان، أياً كان ذلك الإنسان وأياً كان شكل العلاقة التي تربطه به، ولا يمكن للدول التي ترفع هذه الشعارات وتظهر نفسها على أنها المدافع الأول عن حقوق الإنسان أن تقنع العالم بصحة ما تقوم به بينما العالم يرى مقدار الانتهاكات التي يتعرض لها مواطنوها يومياً بسبب ومن دون سبب.