لا أدري لماذا تشدني وربما الكثير من أبناء جيلي أبيات قصيدة شاعر المهجر إيليا أبو ماضي.. «أي شيء في العيد أهدي إليك يا ملاكي؟».
كلما مرت بنا ذكريات الأعياد، والتي أبدع في أدائها المطرب العراقي الراحل ناظم الغزالي. وأقتطف أدناه باقة من تلك الأبيات التي حفظها جيلنا عن ظهر قلب ليطلع عليها جيل الشباب علهم يشدهم سحر الإيقاع وجمال البيان والبلاغة في لغتنا الجميلة التي كثيراً ما هجرها بعضهم ظناً منهم أنها لا تتماشى مع لغة العصر وعلومه ليعودوا لرشدهم في الاعتزاز بلغة الضاد لغة القرآن:
أي شيء في العيد أهدي إليكِ
يا ملاكي وكل شيء لديك
أسواراً أم دملجاً من نضار
لا أحب القيود في معصميك
أم خموراً وليس في الأرض خمر
كالتي تسكبين من عينيك
أم وروداً والورد أجمله عندي
الذي قد نشقت من خديكِ
أم عقيقاً كمهجتي يتلظى
والعقيق الثمين في شفتيكِ
ليس عندي شيء أعز من الروح
وروحي مرهونة في يديكِ
تعيش مملكتنا الحبيبة هذه الأيام أحلى أيامها وأعيادها، وهي ترفل بالأمن والأمان، بحكمة مليكها عاهل البلاد المفدى وإخوانه في قيادتهم الرشيدة.
وبفضل الله جلت قدرته ثم التصرف المسؤول مجتمعاً قيادة وشعباً فقد استطاعت هذه المملكة أن تخرج من عنق الزجاجة التي راهن الأعداء على حبسها فيه، وراهنوا على بث الفرقة والتناحر بين طائفتيه الكريمتين، وانقبرت واندلست إلى غير رجعة تلك المخططات الشيطانية الرهيبة التي كانت تسعى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي المتناسق المتناغم منذ أن بزغت شمس الإسلام فوق ربوعه وسعت جاهدة إلى لبننته أو عرقنته.
لكنه قد خاب فألهم وانتكس ظلهم وتعافت البحرين، وهي اليوم تتقدم الصفوف في كافة الأصعدة، وهي عنوان أمل للأمة العربية وشعوبها، ومثال يشار إليه ويحتذى به في التسامح والتعايش والاستقرار.
ورغماً عن الضائقة المالية التي لا تعانيها وحدها بل هي أزمة عالمية وغمامة سوداء تظلل العالم بأسره، إلا أنها تحاول جاهدة أن تخرج منها دون أن يتحمل مواطنوها أي عبء أو نقص في حقوقهم المكتسبة.
ولإدامة أفراح البلاد وأعيادها يتوجب على الجميع التوحد في الخطاب الوطني وغلق الباب أمام أي أجنبي يختبئ تحت ثوب المتعاطف أو الناصح كذباً وزوراً، مثلما أغوى كالشيطان بعض ضعاف النفوس في دول كانت آمنة مستقرة يأتيها رزقها رغداً فكفرت بأنعم الله، فقلب حياتهم إلى جحيم وبلادهم كرجل مريض سقيم. فلا أمن ولا أمان إلا بالتوحد والاصطفاف خلف قيادة البلاد والانفتاح والتحاور والتناصح والاستفادة من المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حماه الله.
وقديماً قالت العرب.. «ما حك ظهرك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك..».
وأخيراً فإني أحمد الله أني أعيش في بلد يسوده العدل والقانون وأنا آمن على أهل بيتي مهما شرقت أو غربت ولا يعترضني أحد ولا يحد من حريتي أحد، وما فكرت يوماً أن أتحوط وأحذر وأتردد في الذهاب لأي بقعة أريد أن أطأها في مملكتنا وفي أي ساعة من ليل أو نهار، وهذا والله لا نجده في أكثر الدول التي تدعي أنها تبسط أمنها وتتباهى في ديمقراطيتها، وحتى في دول أوروبا وأمريكا نفسها فلله الحمد من قبل ومن بعد.
ولم تبق لي أمنية في حياتي وقد شارفت على نهاية العقد الخامس منه والذي تقوس بالنكبات ظهره، واحترق شيباً شعره، ونخر من هول مصائب وجروح أمتنا عظمه. وربما قد غادرت الدنيا من قابل والفرح بعيد عني، لكن عيدك يا بحرين هو ما تبقى لنا من دنيانا، فهو كشعاع الشمس الذي ينبثق من ثنايا السماء الملبدة بالغيوم نوره، آذناً بإشراق ودفء تعشقه جميع الكائنات!
وربما بقيت في النفس أمنية إن أذن لي جلالة الملك المفدى، حفظه الله ورعاه، أن ألتقيه لأرفع له عقالي إجلالاً لمقامه ولأتشرف بتقبيل جبينه الوضاء وأدعو له بحضرته بالثبات والسداد، عرفاناً لجميله، فله دين في رقابنا بأنه ثبت على الحق المبين، واستعان بالله العظيم، ولم يلتفت للمرجفين، فبصلابته وحكمته وحلمه حفظت البلاد وأمن على أرواحهم العباد، فـ«العيد عيدين، بوجودك يا بو سلمان».