في المناسبات المهمة سواء أفراحاً أو أتراحاً يتذكر المرء كل عزيز لديه. واسترجاع تاريخ العلاقات المصرية البحرينية يكون مفيداً في هذه اللحظة التي تفيض حبا بين الدولتين والشعبين وأشير لثلاث ملاحظات ذات صلة.
الأولى، إن حكمة قيادة مملكة البحرين وشعبها أنقذت البلاد من براثن الفوضى أو الخراب الذي كان يتربص به البعض في هوجة ما سمي بـ «الربيع العربي»، والصحيح أنه ربيع أجنبي لتدمير العرب. وهذا لا يعني رفض الإصلاح أو التطور أو حصول الشعب على مزيد من الحريات والحقوق، ولكنه رفض الارتباط بالأجنبي المستعمر أو المتربص ورفض الديمقراطية على دبابات القوى العظمى وما شابها. وأيضاً رفض مفاهيم تصدير الثورة من أية دولة فالجميع يتربص بنا الدوائر مهما أعلنوا من نوايا طيبة مخلوطة بالعسل فهي تحمل السموم عبر الرياح التي تهب على منطقتنا من حين لآخر، وعلينا أن نستعد لها بالديمقراطية النابعة من تراثنا وحضارتنا وثقافتنا والتي تعمل من أجل الوئام بين شعوبنا بمختلف طوائفهم وأعراقهم والتناغم بين الحاكم والمحكوم لمصلحة شعب كل دولة، ولا تقوم على فكر طائفي أو إقصائي أو التطرف أياً كان الثوب الذي تحمله تلك الأقاويل فهي كاذبة، مثلما حدث مع قميص عثمان، ومع قميص يوسف، عندما جاء به أخوته بدم كذب ليخدعوا أباهم. فالديمقراطية وحقوق الإنسان عرفها الإسلام ونبيه قبل أن يعرفها الغرب أو الشرق وهذا ثابت في الكتب الموثقة وأن كنا ابتعدنا عن الطريق الصحيح عبر العصور بسبب الفساد والانحرافات السلطوية فإن الرد إلى جادة الصواب يجب أن يتماشى مع المنطق الإسلامي «وجادلهم بالتي هي أحسن»، وليس بإراقة الدماء أو التكفير أو التخوين ونحو ذلك. إن بعض الدول التي تدعونا للتظاهر والفوضى باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان ترفض ذلك في بلادها، وهي تسعى لتمزيقنا وتحافظ هي على اللحمة التي تربطها بشعوبها وبالدول المتشابهة فها هي أوروبا تتحد وأمريكا مكونة من خمسين ولاية أصغرها ربما اكبر من كثير من الدول العربية وهم يضعون «سايكس بيكو» جديد ونحن ننساق وراء كلمات الحق التي يراد بها الباطل.
الثانية، في هذه المناسبة ينبغي أن نهنئ القيادة والشعب البحريني بكافة طوائفه وأعراقه. ونتمنى ألا ينساق مجلس النواب وراء بعض الأطروحات في القاعة التي تتسم بالمزايدات ولكنها تبث ما يسمى بـ «كراهية الأجانب» بمطالبته بدفع رسوم إضافية للسكن ولقيادة السيارة وللماء وربما للهواء على الأجنبي، ومثل هذا المنطق لم نسمع عنه في أية دولة نامية أو متقدمة. فالأجنبي في البحرين يقدم خدماته في الوظائف البسيطة مثل البنية التحتية أو في الوظائف الفنية والمهنية. ولا يحق له معاش تقاعدي وعليه الكثير من الأعباء والقيود وهو ما لا يحدث في أي بلد أخر ويتعارض مع الاتفاقيات الدولية ومبادئ حقوق الإنسان.
الثالثة، التي تدل على الترابط البحريني المصري فهي قيام جمعية الصداقة البحرينية المصرية تحت رعاية المستشار نبيل الحمر، ورئيسها النائب عادل العسومي، وعضوية نخبة متميزة من رجال وسيدات المملكة وفي مقدمتهم سيدة هي شعلة من النشاط وهي القوة الدافعة وراء إنشاء الجمعية، هي السيدة أميرة الحسن، ويساندها إنسان فاضل وهو زوجها جمال القلاف. ومن المبادرات التي عبرت عن الحب بين الشعب البحريني لمصر، الاحتفال بالعيد الوطني للمملكة في شارع الملك حمد في شرم الشيخ، التي تعرضت مؤخراً للإرهاب بإسقاط الطائرة الروسية التي كان تنقل سياحاً روس وتسبب ذلك في تدهور السياحة التي هي من الموارد المهمة للدخل القومي المصري. والمبادرة استهدفت الرد العملي علي الإرهاب، وأقول شكراً لمن فكر فيها ولمن شارك فيها وللقيادة التي دعمتها. وبقيت مصر والبحرين في صداقة دائمة كقيادات وكشعوب وكحضارة إلى الأبد.
* عضو جمعية الصداقة المصرية البحرينية