اليوم السادس عشر من ديسمبر الخير تغطي الفرحة أرض وسماء البحرين وتدخل قلوب كل المواطنين. فاليوم يوم فرح وسرور، فيه يحتفل شعب البحرين بذكرى العيد الوطني المجيد، ويجدد العهد لحضرة صاحب الجلالة، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، ويؤكد ولاءه لجلالته ولهذه الراية التي ستظل رغم كل شيء عالية خفاقة ومعلنة أن هذه الأرض هي لمن يحبها ويخلص لها ويعرف معنى الوفاء.
اليوم ورغم غياب بعض الفعاليات التي تعود عليها شعب البحرين في هذه المناسبة بسبب الظروف المالية التي فرضها انخفاض سعر برميل النفط، إلا أن كل هذا لن يؤثر على حالة الفرح والبهجة، فالفرحة في القلب وبإمكان شعب البحرين أن يعوض عن تلك المظاهر والفعاليات بالتعبير عن حبه لهذا الوطن بطرق شتى، ويكفي تعميق الشعور بالولاء للأرض والقيادة في نفوس الأبناء لنشعر أننا شاركنا في هذه المناسبة العزيزة.
العيد الوطني هذا العام يأتي في ظروف صعبة تشهدها المنطقة حيث تموج بالمتغيرات والتطورات العنيفة والمفاجئة، ويأتي في ظروف أخرى سعى البعض إلى فرضها على هذا الوطن بغية إضعافه وتسهيل طريق الأجنبي للسيطرة عليه وإحداث التغييرات التي يريدها، والتي تخدم أهدافه. فالبحرين ليست إلا بوابة للسيطرة على كامل المنطقة وهو أمر لم يعد خافياً على أحد وصار سهلا فهمه واستيعابه وصار لزاما الانتباه له من قبل الجميع، فالغاية ليست البحرين وحدها وإنما كل دول مجلس التعاون بل كل المنطقة.
من الضروري والحال هذه أن يعمل الجميع على تعميق الروح الوطنية والتمسك بما لدينا من ثوابت فهي الضامن بعد الله سبحانه وتعالى الذي حفظ هذا الوطن من كثير من السوء في السنوات الأخيرة على وجه الخصوص حيث بدأ البعض تجريب حظه وظن أن الأمر لا يعدو نزهة.
لا بأس أن نختلف وينظر كل واحد منا إلى مختلف الأمور من زوايا مختلفة، ولا بأس أن يرى كل منا المستقبل بمنظار مختلف وبقناعاته، ولكن ألف بأس وبأس في تشتتنا وإفساح الطريق للأجنبي ليدخل بيننا. نختلف في حل مشكلاتنا وقد نصل بسبب هذا إلى حد الصدام فيما بيننا ولكن علينا أن نحذر من الأجنبي الذي يبحث عن ثغرة مهما صغرت ليتغلغل عبرها ويدخل بيننا ويتفرغ من ثم لتحقيق مآربه.
هذا الأمر مهم أن يستوعبه الجميع وخصوصاً الجمعيات السياسية التي تحتوي على عقول ناضجة تؤهلها لتمنع كل سوء عن هذا الوطن وتقف في وجه مثيري الفتن، وكان المؤمل أن تبادر هذه الجمعيات بعمل ما وتستغل هذه المناسبة الوطنية لتؤكد للجميع أنها ليست ضد الوطن وإن اختلفت رؤاها ولا ترمي إلا إلى الإصلاح الذي يرفع رايته حضرة صاحب الجلالة وقدم فيه مشروعاً متكاملاً لفت العالم إليه.
لا بد أن يكون للجمعيات السياسية دوراً في رأب الصدع والتوليف بين مختلف الأطراف ذات العلاقة بالمشكلة. تغيير طريقة التفكير في هذه المرحلة مهم جداً ويعود بالنفع على الوطن والمواطنين، فالأوضاع والظروف في المنطقة تفرض أموراً يتطلب التعامل معها، توحيد الجبهة الداخلية وتأجيل العديد من الملفات - رغم أهميتها - إلى مرحلة لاحقة.
التغييرات التي طالت قيادات العديد من الجمعيات السياسية أخيراً ربما تساعد على تغيير طريقة التفكير التي سادت، خصوصاً أن القيادات الجديدة تمتلك من الخبرة والكفاءة ما يعينها على ذلك وعاشت التجربة وشهدت ما مرت به البحرين من أحوال وظروف ورأت كيف غامر البعض بحياة ومستقبل المواطنين وأوصلهم إلى حال لا تسر العدو. إن تحركاً إيجابياً تقوم به الجمعيات السياسية في هذا اليوم من شأنه أن يغير الكثير من الأمور ويمهد للحل الذي يرضي الجميع.