ليس هنالك ما هو أجمل من الوطن، كما ليس للإنسان أكثر من وطن، وحين يجتمع الحب مع الأرض، تشعر بأنك جذر من جذوره الصلبة، وعندما تتفتح الأزهار وتنهض الأشجار، تشعر بأنك لا تقاوم رائحة الوطن، فكيف إذا كان المحبوب هو البحرين، والعاشق هو الإنسان؟
ليس العشق الأبدي للبحرين هو في كوننا جزء من هذا الكيان، بل كل من عاش أو مرَّ أو شمَّ نسيم وطننا المتفرِّد، أصبح من العاشقين المدمنين للحب، فالبحرين ليست كبقية الأوطان، والبحرين جزء من أكبر الحضارات التي اختزلت فيها كل معاني الإنسانية والكثير من النخيل والصبر والنضال والعشق والمودة والشوق، هذا ليس رأياً، إنها الحقيقة التي هي محل إجماع عند من عاش على أرض هذه الجزيرة الساحرة.
إن حب البحرين، ليس من الأمور العَرَضِية، فحبنا لهذا الوطن لا يمكن أن يكون طارئاً على الإطلاق، فكل شيء في دواخلنا يشي بالكثير من التعلق بتراب بلادي، فهي جنتي وأمي وملاذي، ومن يبتعد عن هذا الوصف والتوصيف فإنه لا يدرك كُنْه وطن عاشه الأجداد بكل مشاعرهم وأحاسيسهم ووجدانهم الشعبي، عاشوه ومن ثَمَّ عشناه بكل تفاصيله الجميلة، فكان لباس الأناقة والفخامة، وهو شربنا وأكلنا ومسكننا، وقبل كل ذلك عشقنا.
في عيد الوطن، أصبح التغزُّل في جماله عنوان قصائدنا القلبية النابضة بحبه، ولا يمكن أن نكتم كل هذا الوجد لتراب ضم رفاة من قبلنا، ولا يمكن أن نفرط في عشقه والتمسك بأعماقه داخل أعماقنا إلا بالموت دونه، فالبحرين هي كل شيء بالنسبة لنا، وهي ظلنا وظلالنا، وهي أمنا وأمننا، ولا يجوز التفريط بذرة من ذراتها، إلا بالدم والتضحيات.
وطن أحمر في عروقنا، وأبيض في عقولنا، وبين هذين اللونين تعيش بقية الألوان في أحداقنا، وبمناسبة الوطن وعيده، سيكون الحديث عن البحرين وسيبقى حديث روح، وسيظل غناؤنا عاطفياً كرقة نسيمهِ وسحر لون بحره، فهي ليس بحراً بل بحرين.
أمَّا حين نتحدث عن البحرين «العقل»، بحرين الأمانة والوطنية، فإننا مطالبون أكثر من أي وقت مضى أن نصون هذا الوطن الغالي، وأن نحارب كل ما يمسه من شرور ومكائد، فالوطنية تعني أن نكون ناصحين ومخلصين، وأن نرفض كل أشكال الفساد التي من شأنها نهش مقدرات البحرين، وأن نعمل لأجل وطننا بكل إخلاص ومحبة، فكل من يقوم بخيانة الوطن فإنه لا يستحق العيش فيه، فالفساد والسرقات ونهب خيراته من أكبر الكبائر والموبقات التي تضر بصالح هذا البلد، فمن كان قلبه على الوطن، لا يسرق ولا ينهب ولا يغش ولا يفسد ولا يخرب ولا يضر ولا يؤذي أي شيء يتعلق بمصلحة هذا الوطن، وهذا هو المعنى الحقيقي للعيد الوطني، وهذا هو الحب الناصع لجزيرتنا الحبيبة «البحرين».