في احتفالية العيد الوطني يوم أمس وبحضور حضرة صاحب الجلالة الملك حفظه الله أطلقت المدافع 21 طلقة، في مشهد لافت، وفي القصر الملكي.
وفي تاريخ الشعوب، ترتبط هذه الحالة التي تحولت إلى «بروتوكل» دولي متعارف عليه، ترتبط بأمور معينة بتبادل الاحترام والوقوف تقديراً للشخصيات، وتكريم أصحاب الإنجازات، إضافة إلى تأبين شهداء الأوطان والحروب وتقديراً لهم.
وفي الحفل يوم أمس، قام جلالته كعادته بتقدير عدد من الكفاءات الوطنية في مختلف المجالات، وهو الأمر الذي يوجب على هذه الكفاءات الاستمرار في حفاظها على ثقة جلالته عبر مزيد من البذل والعطاء لأجل البحرين التي لا نملك أغلى منها.
ثقافة التقدير التي يقوم بها جلالة الملك بشكل دائم أمر يترجم تطبيق أعلى مستويات علم الإدارة، التحفيز والدعم والإسناد قد يكون عبر وسائل «تعزيز» مختلفة، وفي غالب الأحيان تكون الكلمات التشجيعية والتقدير التلقائي المباشر أمضى وأقوى عملية دعم عن أية أشكال أخرى للتقدير.
بيد أن مربط الفرس هنا يتمثل بضرورة تعزيز ثقافة التقدير، وتقوية الجهود الوطنية عبر تحفيز الجهود المخلصة، الأمر الذي يجعل المجتهد يزيد اجتهاداً، ويجعل من يتطلع لأن يحظى بالتقدير يعمل بجدية أكبر ويبدع ويتميز، والمستفيد من كل ذلك هو الوطن أولاً وأخيراً، فبلادنا التي ستكسب المنجزات، وهي التي ستكسب الكفاءات.
إلى جانب ذلك، ذهب تفكيري مباشرة وأنا أتابع الـ21 طلقة إلى ملاحم البطولة التي جسدها شهداء البحرين الأوفياء لتراب أرضهم، الرجال المخلصون للبحرين وقيادتها، المدافعون عن شعبها والمتصدون لمحاولات الإساءة لها.
21 طلقة كانت بمثابة تذكير ملكي لنا بهؤلاء الشهداء المخلدين في قلوبنا، والمخلدين في ذاكرة الوطن، 21 طلقة من مدافع القصر الملكي لملكنا الشهم وكأنها تقول لنا أن قفوا تكريماً لشهداء الوطن، تقديراً لتضحياتهم، ومع كل طلقة تذكروا كيف أن هذه الأرض ستظل محمية بإذن الله، طالما أن المخلصين لها يرخصون دماؤهم لأجلها.
21 طلقة أطلقت احتراماً رفيع المستوى لشهداء الواجب، 21 طلقة نجزم بأن أصداءها كانت مجلجلة ومزلزلة لقلوب المرجفين وكارهي الوطن والمتلونين الذين حاولوا اختطافه.
والشكر موصول لحضرة صاحب الجلالة الملك لإعلان تخليد ذكرى شهداء الوطن الأبطال، وإقران ذكراهم بعيد جلوس جلالته، فهو القائد العسكري الأعلى للوطن، وهو المدرك دائماً لمعنى التضحية لأجل البحرين، المقدر دوماً لشجاعة البحريني المخلص في مواجهة الخطر الذي يستهدف بلاده ونظامه وأهله.
وعليه فإن 17 ديسمبر يوم لا ينسى في تاريخنا، يوم نتذكر فيه ملكنا في عيد جلوسه، نتذكر مشروعه الإصلاحي، ونتذكر فيه عديداً من مبادراته الجريئة ومساعيه لأجل التغيير نحو الأفضل، ونتذكر فيه صبره وحلمه في كثير من المنعطفات الحساسة الهامة التي لا ينجح في التعامل معها إلا القيادي الذكي الحصيف.
يوم ندعو فيه لجلالة الملك بأن يوفقه الله في عمله لأجل البحرين، وأن يذلل له الصعاب بالأخص في وقتنا هذا، وأن ينعم عليه بالرجال المخلصين والبطانة الصالحة التي تعينه وتدعم جهوده وتنفذ رؤاه وتخدم البلاد والعباد.
وأيضاً لن ننسى هذا اليوم بذكراه التي خلدها ملكنا بنفسه، بأن يكون يوماً لشهداء البحرين الأوفياء لها بدمائهم، والذين لن ننساهم، وينبغي علينا أن نحيي ذكراهم، وأن نذكر أجيالنا المتعاقبة بهم.
أتمنى بأن الطلقات الـ21 تستمر دائماً، في كل فعالية وطنية، في يوم شهداء الوطن، لتذكرنا بهم دوماً، ولتفرض علينا الوقوف ترحماً عليهم وشكراً لهم، وتقديراً لمن خلد ذكراهم رسمياً وقرنها بعيد جلوسه، حمد بن عيسى آل خليفة، الملك الذي نحبه ونثق فيه، الذي ندعو له دوماً بالسداد في عمله لأجل البحرين ولأجل شعبه المخلص.