سألني أحد التجار الصغار من البحرينيين داخل سوق المنامة القديم والأصيل بعض الأسئلة المهمة، ومنها، كيف يمكن لنا أن نطوِّر من سوق المنامة؟ وما هو دور الحكومة في الحفاظ على هذه السوق الأكثر شعبية في الوطن العربي؟
نحن كتبنا الكثير من قبل عن سوق المنامة، وطالبنا مراراً وتكراراً أن تقوم الجهات المختصة بتطوير السوق، وبيَّنا كذلك نقاط الضعف والقوة التي يمكن لتلكم الجهات أن تستفيد منها في حال فكرت جدِّياً في تطويرها، ومع كل ذلك، تظل كل المحاولات الخاصة بتطوير سوق المنامة عبارة عن جهود أهلية من طرف بعض من يمسكون مستقبل السوق بنواجذهم، لأنهم أدرى بشعابها وهمومها من مسؤول لا يملك في السوق إرثاً مثقلاً بالمشاكل.
لا يعني تطوير سوق المنامة أن تقوم الجهات الرسمية بتلوين جدران وواجهات المحلات التجارية في المناسبات الخاصة فقط، أو أن تهتم بجماليات الشوارع والأرصفة وبعض الشكليات لا غير، في حين هنالك من المشاكل الكبيرة التي تواجه السوق والتي ربما لو تم تجاهلها سوف تغلق أبوابها، لكنها لم تعالج حتى هذه اللحظة، أمَّا التاجر البحريني، فهو أول المُهَدَدين بترك سوق أجداده، لأنه لا يستطيع مقاومة الأجنبي فيها، كما أنه لا يعرف أن يتعامل بطريقة «المافيات» التجارية داخل السوق، كما يفعل الآسيويون وغيرهم من التجار.
على الرغم من أهمية الشكليات التي تهتم بها بعض الجهات الرسمية حول تزيين واجهات المحلات والجدران العتيقة في المناسبات الجميلة، إلا أننا لم نفهم كيف يمكن أن تُهمل الجوانب التراثية البحرينية في مسألة تزيين السوق، خصوصاً في فترات العيد الوطني، والتي خلت من كل مظهر بحريني مع الأسف الشديد!
نكرر، بالرغم من أهمية تزيين سوق المنامة، إلا أن هذا الأمر يعدّ أحد عوامل الجذب وليس كل شيء، فهنالك من المشاكل الاقتصادية والتجارية التي يمكن لها أن تعصف بالسوق في أية لحظة، خصوصاً مع تفاقم الأزمة المالية التي تضرب دول المنطقة، فلا تأمين ولا أفق لمستقبل التاجر البحريني في سوق لا يملك فيها سوى «ادكيكين» يحفظ ماء وجهه عن السؤال والتسول، وهو المصدر الوحيد لقوت عياله.
إن أهم ما ينبغي فعله من طرف الدولة تجاه التاجر البحريني المتمسك ببقائه في سوق المنامة على الرغم من كل التحديات والصعاب، هو أن يُكرَّم ويُشجَّع ويُدعم بكل السبل، وأن تقوم الحكومة بتكريمه ودعمه، وذلك بإعطائه مميزات خاصة أكثر مما يحصل عليها التاجر الأجنبي، كما هو الحال في كافة الأسواق الشعبية داخل دول مجلس التعاون الخليجي، أمَّا أن يكون وضع التاجر البحريني كما هو حال التاجر الأجنبي في كل شيء، فهذا ينافي مطالبة الدولة تجارنا في سوق المنامة بالبقاء فيها دون ما يميزهم عن بقية التجار الآخرين أو يغريهم بالبقاء. إن الإهتمام بالتاجر البحريني هو المعنى الحقيقي للاهتمام بسوق المنامة، أمَّا بقية الأشياء فهي من الكماليات.