في المؤتمر الذي جمعه أخيراً في موسكو بوزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف «إن الأوضاع تعد ملائمة لتطبيع العلاقات بين إيران وجيرانها العرب، وذلك على خلفية زيادة الخطر الإرهابي باعتباره عدواً يهدد الجميع»، وأشار إلى «الانفراج النوعي الذي تم تحقيقه لتسوية الوضع حول القضية النووية الإيرانية»، أما وزير الخارجية فأكد أن «علاقات ثنائية مهمة جداً تربط البحرين بإيران»، وإن «المنامة تأمل في أن تخطو إيران خطوات إيجابية تجاهنا بوقف التدخلات»، وأكد أن «حكومة البحرين سترد على كل خطوة بخطوتين».
ملخص ما قيل هو أن أمام إيران اليوم فرصة ذهبية لتصحيح أوضاعها وتحسين علاقاتها مع دول الخليج العربي، فهناك خطر كبير يهدد كل دول المنطقة من دون استثناء يستدعي التعاون من أجل الوقوف في وجهه هو الإرهاب الذي وفر العديد من الأمثلة على أنه لا يرحم ويأتي بشر كثير للمنطقة، وهناك الملف النووي الذي تم حل مشكلته مع الغرب والولايات المتحدة يفترض أن تستغله إيران لتصحيح علاقاتها مع جيرانها كي يطمئنوا ويتأكدوا من أنها لن توظفه ضدهم ويثقوا فيها، وهناك تصريح مهم من وزير الخارجية يؤكد أن مملكة البحرين لاتزال تعتبر العلاقة بينها وبين إيران مهمة وأنها لا تريد من هذه الدولة سوى التوقف عن التدخل في شؤونها الداخلية وأنها ستقابل كل خطوة إيجابية تخطوها إيران نحو العقل بخطوتين تؤديان إلى تحسين العلاقات بين البلدين والانتهاء من كل المشكلات، فهل تنجرف إيران نحو العقل وتستغل هذه الفرص التي هي في صالحها؟
هنا معلومة لعلها تحتوي على نصف الجواب أو ربما كله. فقد نددت الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي تضم 193 عضواً بانتهاكات حقوق الإنسان في كوريا الشمالية وإيران، وانتقد القرار الخاص بإيران والذي أعدته كندا، انتقد طهران لقيامها بحملة على النشطاء والصحافيين والمعارضين ولاستخدامها المتزايد لعقوبة الإعدام «قبل أيام طالب تسعون صحافياً إيرانياً طهران إطلاق سراح أربعة من زملائهم المقربين من التيار الإصلاحي اعتقلهم جهاز الاستخبارات التابع للحرس الثوري، وقبل أيام أيضاً، وفي كل الأيام، نفذت إيران الكثير من أحكام الإعدام لأسباب هي في الغالب سياسية أو واهية».
وبالطبع، وكعادتها أبلغت إيران الجمعية العامة بأن القرار «منحاز وأنه تحرك سياسي غير صادق ولا يمكن تبريره»، وذلك بدل أن تتوقف هنيهة لتراجع سلوكها خصوصاً وأنه تتوفر الكثير من الشواهد والأدلة على ما تقوم به من ممارسات مهينة للإنسانية، وتتوفر الكثير من التأكيدات على أنها لو فعلت لتحسنت علاقاتها مع كل من حولها.
قرارات الجمعية العامة غير ملزمة لكن يمكن أن يكون لها ثقل سياسي ولهذا رفضت إيران القرار الذي يخصها رغم أنه رحب بتعهدات الرئيس حسن روحاني بشأن «القضايا المهمة المتعلقة بحقوق الإنسان خاصة إنهاء التمييز ضد المرأة وأعضاء الأقليات العرقية وبشأن إتاحة مجال أكبر لحرية التعبير والرأي»، أي أن الجمعية العامة أعطت «الوعود» اهتماماً خاصاً رغم أن العالم كله يعرف أن إيران تعد بشيء وتضمر عكسه، والدليل أن الكثير مما تعد به لا يتحقق.
من هنا فإنه لا يصعب القول إن إيران لن تستغل الفرصة فتحسن علاقاتها مع جيرانها كي يقفوا معاً في وجه الإرهاب وكي تتوفر حالة الاطمئنان المطلوبة لقبول الاتفاق بين إيران والغرب والولايات المتحدة فيما يخص الملف النووي الإيراني، تماماً مثلما أنه لا يصعب القول إن إيران لن تخطو تجاه البحرين ولا ربع خطوة لأنها تعلم جيداً أنها لا تستطيع أن تعيش في الأجواء الإيجابية التي من الواضح أنها تؤثر على مخططاتها الرامية إلى تسيد المنطقة.