هذه الجملة يكررها كثير من المواطنين، بل نقول أحياناً «ما في مكان تروح»، إما السينما أو «الكوفي شوب»، وطبعاً البلد انتشرت فيها ظاهرة المقاهي بشكل رهيب، حتى أن منطقة سكنية مثل أمواج فيها أكثر من 33 مقهى، أي أنها بامتياز «مدخنة البحرين».
طبعاً لا ندعو هنا لإغلاقها، كونها مصدراً من مصادر تحريك الأموال في البلد، لكن الطلب عنها، وهو ما ذكرناه سابقاً، بأن تبعد عن المناطق السكنية.
عموماً، نعود للحديث عن السياحة في البلد وأماكن الترفيه، وما يرتبط بها من شعور لدى المواطن بأن لا مكان يذهب إليه.
أدرك تماماً بأننا لسنا وحدنا الذين نشير لهذه الحالة وندعو لحلها، بل الإيجابي أن المسؤولين
عن الملف الاقتصادي والاستثماري في البلد يتحدثون بنفس اللغة، وبدؤوا يطالعوننا بتصريحات في هذا الاتجاه.
الحديث الأخير عن الاستفادة من الواجهة البحرية في مناطق معينة بالمملكة لأجل دعم السياحة وتنشيطها موضوع مهم، وهو في الوقت الحالي مطلوب بشدة.
الإيجابي في الموضوع أننا نمتلك مقومات لإنجاح مثل هذه المشاريع، فالبحرين كونها مجموعة جزر يفترض منطقياً أن يكون أبرز مدخولها السياحي عبر الاستفادة من المسطحات المائية والسواحل.
اليوم لدينا فنادق ذات إطلالات مميزة على البحر دون ذكر أسماء، لكن بخصوص ذلك نصطدم بتفاوت قدرة المواطن المالية على الصرف الدائم فيها، نعم السائح والزائر الشقيق من دول الخليج قد تستهويه هذه الأماكن لجماليتها، لكننا اليوم حين نتحدث عن تنشيط السياحة لا يمكن أن نستثني المواطن، فهو الأساس، وهو الموجود دائماً في البلد، وعليه فإن هذا مدخول يومي دائم إن تم التفكير بالأمر من هذه الناحية.
لكن أيضاً نعود للنقطة الأولى التي يتحدث فيها المواطن عن مواقع ومشاريع وخدمات للسياحة والترفيه تكون في متناول يده، وتكون ذات أسعار رمزية أو مقدور عليها، هنا يجب التركيز في جانبين، الأول لأجل الاستثمار ودعم الاقتصاد، والثاني لأجل المواطن.
مشروع مثل «محمية العرين» على سبيل المثال، يعتبر من المشاريع الناجحة، نظراً لحجم إقبال الزائرين، وكثير منهم بحرينيون، مع الأخذ في الاعتبار رسم الدخول الرمزي. مثل هذه المشاريع يمكن أن يتم تطبيق نموذجها في جوانب أخرى، سواء بحرية أو زراعية، فمثلاً سوق المزارعين في منطقة البديع نموذج آخر جميل على دعم السياحة في البحرين، وبأسلوب يدعم أصحاب المزارع، وفيه ترى الجميع سعداء ما بين بائع ومشتر وبين متجول يريد التعرف على المكان.
أواصل سرد بعض الأمثلة الموجودة، مع التذكير بفعاليات أخرى كانت تقام بشكل موسمي يجب الاستمرار فيها، والتي اختفت يجب العمل على إعادتها، مثل مهرجان «مراعي» الذين كان يستقطب جمهوراً غفيراً، بل ويتوجه تشريف جلالة الملك حفظه الله بحضور العروض والمنافسات. لماذا توقف المهرجان؟! والأهم، يجب التفكير بإرجاعه.
الأفكار كثيرة، ويمكن دراسة بعض تجارب الدول الشبيهة بمناخنا وأوضاعنا، وللتذكير حتى لا ننسى تظل البحرين دولة بحرية، وعليه فإن أبسط ما يمكن أن نراه مشاريع للعبارات ولليخوت وللمطاعم الطافية التي تجول السواحل. مثلاً موقع مميز مثل الواجهة البحرية الواقعة بين «خليج البحرين» والمارة على امتداد كورنيش الملك فيصل، أي موقع إنشاء مجمع «الأفنيوز» وصولاً إلى مشروع «الريف» ومن ثم منطقة السيف، هذه المنطقة أتمنى أن أراها مليئة بالسفن السياحية أو المطاعم المتحركة، مثلما الحال الذي نراه في دبي أو القاهرة على امتداد النيل، أو باريس ولندن.
الطموح ليس عيباً، بل العيب هو التسليم بالواقع والجزم بصعوبة تغييره. ونحن في البحرين نمتلك الطاقات ونمتلك الشخصيات التي لديها تفكير استثماري وتطويري، بالتالي لا ضير أن نطرح الأفكار، بل ونعصف أذهاننا بتدوين كل ما يمكن تحقيقه.
لست أقول بأننا سنصل لمرحلة نمتلك فيها منطقة جذب سياحي لا يتوقف تدفق الناس فيها مثل ساحة «البيكادللي» في لندن وتحديداً شارع المسارح والعروض الغنائية اليومية، لكن ما المانع أن نحاول محاكاة التجارب الناجحة، وأن نعمل على تأسيس أشياء لها ديمومة وتحظى بإقبال الناس.
وحينما نتحدث عن السياحة والناس، بالأخص المواطن، لنتذكر ما قلناه في البداية، بأن المواطن يحب أن يفرح في بلده وأن يقضي فيها وقتاً ممتعاً، بالتالي معرفة رأي الناس مهم جداً، وعليه بالإمكان إجراء استطلاع بسيط نعرف من خلاله توجهات الناس ورغباتهم وما يتمنون أن يجدوه في البحرين من الناحية السياحية.
أتمنى أن نرى البحرين دائماً متألقة وزاهية، وأن يكون فيها من الفعاليات المتنوعة التي تغنيك حتى عن السفر للخارج، بل أن يكون فيها ما يجعلك تقولها وأنت سعيد وتفتخر بأن هذا «موجود في البحرين».