أذكر أنني كنت من الطلبة الموهوبين في اللغة العربية فعلى الرغم من صعوبة مادة اللغة العربية إلا أنني كنت من المتفوقين في جميع فروعها من نحو وقواعد وقراءة وتعبير.
فاللغة العربية لغة رائعة جداً من حيث تراكيبها ومفرداتها، واحتفل العالم مؤخراً وتحديداً في الثامن عشر من هذا الشهر باليوم العالمي للغة العربية وهو اليوم الذي تم إقرار اللغة العربية كلغة رسمية في الأمم المتحدة.
إن ما يميز اللغة العربية عن غيرها من اللغات هي الفصاحة والبلاغة والدقة، ناهيكم عن الكم الكبير من الخصائص، ولهذا كرم الله المسلمين وجعل اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم.
وللأمانة فإن تصريحات المسؤولين المبهمة هذه الأيام خلق عندي دافعاً إلى إعادة مراجعة أسس اللغة العربية، حيث إنني بدأت أشعر بأن هناك «فجوة» لغوية بين ما يدلي به المسؤولون من تصريحات وبين ما يفهمه الشارع البحريني!!
ومن أهم الأمور التي حاولت إعادة إحيائها في ذاكرتي هو درس «الضمائر»، ولأكون أكثر تحديدا فأنا لا أتحدث عن «الضمير»، وهو ما عرفه المعجم الجامع على أنه «ما يضمره المرء في نفسه ويصعب الوقوف عليه»، بل أتحدث عن الضمائر ولاشك في أن معظمكم يتذكر «الضمائر الظاهرة والضمائر المستترة والمتصلة منها والمنفصلة»..
وهنا سأقف عند تصريح طالعتنا به الصحف لوزير المالية حينما قال: «نحن بعيدون كل البعد عن الإفلاس»! حيث رحت أبحث في كتب اللغة عن تصنيف وتعريف لكلمة «نحن»!!
«نحن» كما تذكر كتب القواعد العربية تصنف من الضمائر المنفصلة للمتكلم، فمن يا ترى المقصود من وراء هذا «الضمير»؟؟!!
نحن؟؟ من نحن؟؟
من هو الذي بعيد عن الإفلاس؟؟
أنا.. أنتم.. نحن.. هم؟؟
من بالضبط؟؟
وسأقف عند تصريح آخر لوزير الأشغال، عندما قال للنواب: «لا أعدكم بموعد لحل مشكلة تجمع مياه الأمطار»!! فمن يقصد بـ«لا أعدكم»؟ أنت؟ الحكومة؟ أم من؟
لماذا نستخدم «الضمائر»؟ لماذا لا تستبدل الضمائر بمفردات تعبر تعبيراً واضحاً ودقيقاً عن المقصود لكي يزول اللبس ويتحقق الفهم المشترك؟
تعبنا وسئمنا من المفردات المطاطة بالرغم من أن لغتنا زاخرة بالمفردات المحددة والدقيقة، فلم لا نسمي الأمور بأسمائها؟!
وكل عام و«أنتم» و«نحن» وأنا وكل «الضمائر» بألف خير.. جعلها الله سنة خير علينا.. وعليكم.. وعلى الجميع.