البعض يراهن على إمكانية انضمام إيران إلى «التحالف الإسلامي»، وآخرون يعتبرون أنه نشأ بداية، لتكون هي هدفه، وفيما تقف طهران «محلك سر»، شكك برلمانيون ومتابعون إيرانيون في جدوى وأهداف هذا التحالف.
وعلى عكس قيادة السعودية لـ«التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن»، الذي وجد نقداً مباشراً وعلنياً من إيران، وترتيبات دعم ميداني لصالح الحوثيين وقوات الرئيس صالح، باعتبار أنه يقاطع الاستراتيجيات الإيرانية في المنطقة، فلم تستطع طهران أن تتخذ موقفاً سلبياً أو إيجابياً من التحالف الإسلامي العسكري، لمحاربة الإرهاب، الذي أعلنته الرياض مؤخراً، إذ وضعتها خطوة الرياض في موقف حساس للغاية، فهي إن انتقدت التحالف سلباً، تثبت على نفسها تهمة دعم الإرهاب، التي تلوح بها دول مجلس التعاون الخليجي، وإن أقرت التحالف، تثبت للرياض بالنجاح، ويحز ذلك في نفسها، لذلك يعتقد بعض المراقبين أن إعلان التحالف الإسلامي يقوي رغبة طهران في الحوار مع الرياض.
إثبات النجاح للرياض، باتخاذ طهران موقفاً إيجابياً من «التحالف الإسلامي»، يحمل في داخله الإشكال الحقيقي المتمثل في خوف إيران من التهديد الجدي لتدخلها الطائفي في دول المنطقة، بضرب أدوات هذا التدخل وهي الميليشيات المسلحة التي تمارس إرهاباً في سوريا والعراق واليمن ولبنان، والتي تسعى طهران عبرها لترجيح كفة ميزان توجهات الهيمنة الطائفية مقابل التوجهات السعودية، لذلك يرى مراقبون أن حلفاً يكسر شوكة الإرهاب يورط مشروع إيران التوسعي أكثر فأكثر.
ولذلك، فقد رهنت السعودية انضمام إيران إلى التحالف الإسلامي العسكري، بوقف أعمال طهران العدوانية تجاه الدول العربية والإسلامية ودعمها للإرهاب، وفقاً لتصريحات سابقة لمستشار وزير الدفاع السعودي والمتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العربي المشتركة العميد ركن أحمد عسيري، الذي قال «من يرعى الإرهاب لا يمكن أن يكون شريكاً في محاربته».
وتخشى طهران من احتمال قيادة السعودية لتدخل عسكري ميداني مباشر وحاسم، لمحاربة إرهاب «داعش» في عدد من دول الإقليم وضرب الميليشيات التي تمارس بدورها إرهاباً طائفياً ملموساً تحركه السياسات الإيرانية في المنطقة.
سيشهد العام الجديد متغيرات عديدة على المستوى السياسي والأمني في المنطقة، خاصة في ظل تصاعد الجماعات الإرهابية، والتصدعات الاقتصادية بسبب الانهيار السريع لسعر النفط، ومتغيرات توازنات القوى الإقليمية والدولية، ورؤيتها للمنطقة، لذلك فإن المطلوب من قادة الدول الإسلامية والعربية اتخاذ سياسات أكثر حكمة من أجل الخروج بأخف الأضرار على مستقبل الشعوب، بعيداً عن التوجهات الطائفية، والرؤى القاصرة وغير الاستراتيجية.
إن التشكيك الإيراني الدائم في أي خطوة تتخذها السعودية، ليس له ما يبرره، طالما أن الأهداف التي أعلنتها السعودية للتحالف الإسلامي العسكري تتماشى مع ما تدعيه طهران من سعي لمكافحة الإرهاب، لذلك فإن الهجوم الشرس الذي شنه رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء حسن فيروز أبادي ضد «التحالف الإسلامي»، وهدد خلاله الدول المشاركة فيه بالانسحاب منه والإسراع بإعلان براءتهم من التحالف، يصب في اتجاه «الغيرة السياسية»، التي لا تخدم إمكانية الجلوس للحوار السعودي الإيراني لحل مشكلات المنطقة.