رسمياً انتهت ثورة بعض الأعضاء في مجلس النواب على «علاوة بدل التمثيل» الخاصة بأعضاء مجلس الشورى المقرة بواقع 1200 دينار.
ولن نتوقف عند التبريرات هنا بشأن الموضوع وبخصوص ما قيل عن دستورية الموضوع ووجود شبهة فيه، أو باعتبارات تعديل مرسوم مجلس الشورى، بل سنخوض في موضوع آخر معني بالمسألة ومرتبط بما نشهده حالياً من عمليات تقشف وتوفير في موازنات الصرف.
أصل الحكاية بأن النواب الذين يأخذون أيضاً 1200 دينار علاوة بدل تمثيل، أرادوا إيقاف علاوة بدل التمثيل التي يستلمها أعضاء الشورى بواقع 1200 دينار أيضاً.
ومفهومة تماماً المبررات والمسوغات، خاصة تلك التي تقول إن أعضاء مجلس الشورى معينون من قبل جلالة الملك ولم يتم انتخابهم بعكس أعضاء مجلس النواب المنتخبين عبر صناديق الاقتراع. نظرياً، النواب يمثلون الناس الذين انتخبوهم، لكن الجدلية هنا تكمن في وضعية عضو الشورى، إذ هل هو يمثل الناس أم لا، باعتباره جزءاً من المجتمع؟! وإن كان القول بـ«لا»، فإن عضو الشورى يكون جزءاً من البرلمان حين يجتمع المجلسان، أي ما يعني أحقيته بالتصويت على أمور معنية بالناس، أي أنه يمثل الناس.
في جانب آخر، حتى لو كانت الإجابة بـ«لا»، فإن الشواهد ومتابعة بعض جلسات الشورى، تبين بأن بعض الأعضاء يمثلون الناس فعلياً فيما يقولونه وفيما يطرحونه من آراء ومقترحات، وهذا يعني بأنهم -أي أعضاء الشورى- يمثلون الناس.
على صعيد آخر، لو جئنا للناس اليوم وسألناهم عن رأيهم في علاوة التمثيل التي يتحصل عليها النواب، ماذا تظنون بأن سيكون رأيهم؟!
الإجابة شبه معروفة، فالغالبية خاصة ممن مازالوا يرون في أداء النواب قصوراً وعدم ارتقاء لسقف طموحات الناس، يعتبرون علاوة التمثيل غير مستحقة لهؤلاء النواب، وتحديداً ممن انقطع تواصلهم عن الناس، ومن بات ناخبوهم يبحثون عنهم ولا يجدونهم، وممن لم يفتحوا لهم مجالس أسبوعية أو مكاتب يستقبلون فيها الناس الذين منحوهم أصواتهم.
طبعاً يستثنى من الكلام بعض النواب الذين مازالوا يفتحون مجالسهم الأسبوعية، وممن يتواصلون مع ناخبيهم، ويكونون معهم في المنطقة، ويعبرون عنه، ويكونون اللسان الصادق الذي ينطق بهمومهم، والذين يعملون لأجل تحقيق تطلعاتهم.
لكن إن أردتم رأياً بشأن «العلاوة»، فإن كان القول يقبل على الشورى بأنهم لا يستحقونها كونهم لا يعبرون عن التمثيل الحقيقي والفعلي للناس، فإن بعض النواب في حالة أصعب من الشوريين، من خلال بعدهم عن الناس، ومن خلال مقترحات وأفكار غير ذات أهمية أو ارتباط بما يطلبه الناس، وعليه فإن العلاوة يجب أن تلغى منطقياً عن النوعين، أو بالأصح عن المجلسين.
هذا لو تحدثنا تقنياً، لكن لو تحدثنا -كما أشرنا أعلاه- بربط المسألة بما تمر به البلد من ظروف معنية بالملف الاقتصادي والوضع المالي، فإنه يمكن إلغاء «علاوة التمثيل البرلماني» تحت اعتبارات «التقشف» و«خفض النفقات»، إذ أقل ما يقدمه البرلمانيون من منطلق الإحساس بالمسؤولية والتعاون مع الدولة التخلي عن هذه العلاوة، بالأخص ممن يخلون بواجبات التمثيل، وممن تحولوا من عمل لأجل الناس إلى عمل عليهم أو تجاهل لهم.
بالتالي، هل من الممكن أن نرى مقترحات تطرح عوضاً عن إلغاء العلاوة على الشوريين، مقترحات تطلب إلغاء العلاوة عن الجميع؟! باعتبار أن المكافأة البرلمانية نفسها تمنح نظير وجود العضو ممثلاً للناس في البرلمان!
أشك وبكل قوة!
نعجب بالخارج.. فلماذا لا نصنعه بالداخل؟!
من حكم إدارية عديدة شهدها مجلس سمو رئيس الوزراء حفظه الله أمس، ننقل لكم موضوعاً فتحه سموه للنقاش، يتمثل بأننا اليوم حينما نرى الخارج نعجب بكثير من الأمور والممارسات، نفرح بها، ونسافر لها، سواء على صعيد العلاج أو الفعاليات والمؤتمرات. لكن هل توقفنا لحظة لنفكر في كيفية صناعة مثل هذا النجاح لدينا في الداخل؟!
سموه دائماً ما يؤكد على قدرة الطاقات البحرينية على فعل الكثير لأجل الوطن ولخدمة الناس، بالتالي نقل الخبرات أمر مطلوب، والتفكير في طرق التطوير سلاح يمكننا من خلاله تغيير الواقع وتحسين المخرجات.
لذا، والكلام لسموه، فإن متابعته للصحافة بشكل يومي وما ينشر فيها من آراء وأفكار، وما تنقله من أطروحات للناس أمر لازم، فأبناء الوطن لديهم الكثير ليقدموه، والأهم ما يقدمونه من مشورة ونصح وأفكار وحتى انتقادات بناءة.
قالها خليفة بن سلمان أمس «البحرين فيها خير كثير»، وعليه نؤكد على القول ونقول للوزراء والمسؤولين استمعوا للناس وتفاعلوا مع ما يطرحون، وابحثوا في مواقع عملكم عن المميزين وأصحاب الطاقات الذين يمكن أن يتحقق التغيير والتطوير على أيديهم.