من الأمور التي بدت واضحة ولا تحتاج إلى أي نسبة من الذكاء لفهم المقصود منها حرص ذلك البعض على التصعيد ومد أمد المشكلات في البلاد إلى الرابع عشر من فبراير المقبل، فالهدف هو القول إن «الشعب مستمر في ثورته التي دخلت عامها السادس»، فهو يعتقد أنه يمكن أن يستفيد من مثل هذه العبارة لتقول المنظمات الدولية المتعاطفة معه وخصوصاً المعنية منها بحقوق الإنسان إنه لولا أن هذا البعض كان محقاً في مطالبه لما واصل حراكه لمدة خمس سنوات متواصلة ودخل عامه السادس! فبيان حالة الإصرار على المطالب والأهداف مصحوبة بأخبار وتقارير مبالغ فيها رسالة من هذا البعض إلى العالم أملاً في أن يعلم ويقتنع أنه لن يهدأ إلا بعد أن يحصل على ما يريد وأنه مثال وأن ما يقوم به يستحق الثناء والدعم. وهو رسالة إلى الحكومة أيضاً ملخصها أنه هو وليس الجمعيات السياسية من يمتلك الكلمة الفصل وأنه هو – ومن يقف خلفه – من ينبغي التفاهم معه لو أرادت طي هذا الملف .
هذا تفسير منطقي وواقعي ومعبر عن مستوى تفكير ذلك البعض. للتأكد منه يمكن عمل اختبار بسيط بتقديم مبادرة يرى كل عاقل أنها توفر فرصة للخروج من المشكلة وترضي الأطراف كافة، حيث سيلاحظ الجميع كيف أن ذلك البعض سيماطل وسيضع ألف عقبة وعقبة كي يفشل تلك المبادرة، فالهدف الذي يشغل باله والمتمثل في مد أمد المشكلة حتى ذلك التاريخ هو الأسمى بالنسبة له وليس مهما أن تضيع الفرص ولا تتكرر، فالقول إن ما يقوم به دخل عامه السادس وأطفأ بذلك خمس شمعات يكسبه – من وجهة نظره – الكثير من التعاطف الذي يحتاجه، والكثير من الدعم من قبل تلك المنظمات التي لن تتأخر عن دعمه في كل الأحوال، فهي «أم العروس».
ما يركز عليه ذلك البعض في هذه الفترة هو نشر ما يعتقد أنه يمكن أن يقنع العالم بأنه مستمر في حراكه وأنه صلب وعنيد وأنه مصر على تحقيق مطالبه وأنه واع لما يدور حوله وما يجري في المنطقة وأن كل الشعب معه وأنه فقط ينتظر الفرصة التي تتيح له تحقيق حلمه طالما أن الجميع معه. لهذا فإن أي دعوة له للتهدئة سواء من الحكومة أو الجمعيات السياسية أو من أي طرف ستلاقي الرفض، وأي حديث عن المخاطر التي تتهدد المنطقة وتتهدد البلاد بسبب التغيرات المتسارعة والعنيفة في المنطقة لا قيمة له بالنسبة إليه ويفسره بأن الهدف منه هو تخويفه بغية التراجع عن الشعارات التي يرفعها.
هذا البعض لا يرمي إلى الإصلاح ولا يمكن أن يقنع شعب البحرين بأنه يسعى إلى مصلحته ويدافع عنه ويتبنى قضيته، فهذا الشعب المتحضر يعلم جيداً ما يدور حوله وما يرمي إليه ذلك البعض ومن يقف من ورائه ويدعمه، وهو يمتلك وعياً وتجربة تتيحان له التمييز بين من يسعى إلى مصلحته وتطوير حياته وبين من يريد أن يجعل منه جسراً لضرب الشرعية والانتصار لمن ليس له حق في هذه الأرض الطيبة.
هذا الشعب يعرف جيداً لماذا يرفض ذلك البعض أي حديث عن تسوية أو تفاهم أو حوار ويرفض حتى الاعتراف بالجمعيات السياسية خصوصاً في هذه الفترة من السنة، فالهدف من كل ذلك واضح وضوح الشمس، فليس أفضل من هذه الفترة للاستفادة من الإعلام الأجنبي المساند، وليس أفضل من هذه الفترة التي تبدو فيها الجمعيات السياسية التي يفترض أن تقوم بدور المعارضة فقيرة لا حول لها ولا قوة، ولا تأثير، كي تتسيد عليها وتوصل الجميع إلى ذلك اليوم الذي تطفئ فيه الشمعة الخامسة.